أشعار وقصائدشئون عربية ودوليه

الواجب في سطور 

‏‎

‏‎

الواجب في سطور

د/ آمال بوحرب 

تونس 

الواجب كما يراه “دوركهايم “يؤطره المجتمع باعتبار أنه المصدر الوحيد للمبادئ السلوكية من خلال سلطته على الأفراد وما يرسخه في الوعي الفردي من قواعد وقوانين يلتزم بها الأفرادو إن كان الواجب فعل إلزامي نقوم به احتراما لواجب العقل ومنطلق هذا الفعل هو الإرادة الخيرة والحرة التي لا تخضع لمبدأ خارجي أو لرغبات ذاتية ومصالح فردية لذلك فالواجب هو في حقيقته إكراه حر أي أنه إلزام والتزام لا ينبغي إنكار أهمية المجتمع ودوره في تحديد الواجبات الأخلاقية، غير أنه في المقابل لا بد من الانفتاح على الواجبات الكونية التي تتجاوز انغلاق المجتمع لتتجه نحو معنى الوجود كاملا اما بالنسبة الفيلسوف “هيوم” فهو يميز بين نوعين من الواجبات نوع غريزي ذاتي ونوع إلزامي اجتماعي وهذا الأخير يوجه الميولات الذاتية الناتجة عن تحقيق المصالح الذاتية (الشخصية) وحب الذات والمقصود أن “هيوم “يرى في الواجب بعده التجريبي الجماعي الا أن الإنسان ككائن عاقل-حسب “كانط”ومن خلال تجربة الصراع بين الضمير والأهواء ينبثق المبدأ العقلي للواجب الذي يفرض أوامره على الشخص بشكل معين فيلزمه بفعل حتى لو تعارض مع ميولاته فالواجب مرجعه العقل وغايته فقط احترام القانون الأخلاقي ومنطقه الإرادة الخيرة فلا قيمة للفضائل بدون إرادة خيرة مطابقة للقانون الأخلاقي الذي يشرعه العقل ويتجسد على شكل أوامر قطعية ومن هنا تم نقد الواجب الكانطي الأخلاقي باعتباره مفهوم صوري صارم صرامة تقصي الأهواء كما تنفي من المنظور الاجتماعي سلطة المجتمع في شرح مفهوم الواجب الأخلاقي .

إن تفسير الواجب الأخلاقي بإرجاعه إلى مصدر أو توجيه خارجي كالمجتمع أو المصالح وهو ما تتجاوزه أطروحة كانط وتؤكده أطروحة “هيوم ” يجعل من القيم الأخلاقية قيما نسبية وينفي عنها طابعها الكوني والمطلق و تؤكد بعض الأطروحات الفلسفية أن الوعي الأخلاقي المتجذر في طبيعة الإنسان ذاتها يوجد في الفطرة والغريزة ومن ثم فإن الإنسان يتجه طبيعيا إلى قبول الخير ورفض الشر وعليه فهل أن الأخلاق التي يحكمها مبدأ الواجب تقتصر على ضمير الفرد أم يؤطرها ضمير المجتمع ؟

 لقد فرق كانط بين التلقائي والواجب فالشخص الذي يحافظ على حياته إنما يفعل ذلك تلقائيا لا بمقتضى الواجب كذلك الفرق بين الأخلاقية والقانونية فيقول إن القانونية تعنى تصرف المرء وفقا لما يقتضيه القانون أو التشريع فالشخص لا يقوم بالفعل بسبب الخوف من العقاب أو من الله أو احتراما للرأي العام أو الخوف من تأنيب الضمير… وكل هذه الأسباب لا تجعل من الفعل أخلاقيًّا بمعني الكلمة فيقول كانط: (إن واجبي يقضي ألا أسرق لذا فأنا لن أسرق احتراما للواجب والعقل) فهذا وحده الذي يعد فعلا أخلاقيا واجبا في حد ذاته وعليه فهل يجوز ان نفضل العقلانية على التجريبية مما يعني أن ننظرالى الواجب كشكل من أشكال المعرفة وليس شيئًا يعتمد على الرغبة البشرية .

مقالات ذات صلة

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات .. متابعة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
رجوع
واتس اب
تيليجرام
ماسنجر
فايبر
اتصل الآن
آخر الأخبار

أنت تستخدم إضافة Adblock

يجب عليك ايقافها لكي يظهر لك المحتوي