دنيا ودين

رجل من أهل اليمن

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله الذي شمل بخلقه ورحمته ورزقه القريب والبعيد، سبحانه وتعالي “وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين” وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله هو أفضل النبيين والمؤيد بالآيات البينات والحجج الواضحات والبراهين صلى اله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد إن أبو لهب وهو عبد العزي بن عبد المطلب عم النبي صلي الله عليه وسلم توعده الله عز وجل بأن يدخله النار، فالنسب لا يقارب ولا يباعد، فيقول النبي صلي الله عليه وسلم ” يا بني هاشم لا تأتوني بأنسابكم يوم القيامة ويأتيني الناس بأعمالهم ” وقال النبي صلي الله عليه وسلم ” من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه ” 

وإن عبد مولى قريب من الله عز وجل هو حبيب الله وولي الله، فبلال الحبشي أتى من الحبشة، كان يباع ويشترى، فلما أسلم رفع الله ذكره في الخالدين، وأصبح له قصر في الجنة كالربابة البيضاء، ويقول النبي صلي الله عليه وسلم للصحابة وهو يحدثهم ” سوف يقدم عليكم من أهل اليمن رجل اسمه أويس بن عامر القرني ” ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم ” له أم هو بار بها، لو أقسم على الله لأبره، فيه كالدرهم من آثار مرض البرص، يشفع يوم القيامة لمثل قبيلة مضر حتى يدخلوا بشفاعته الجنة ” وكان رجلا فقيرا في اليمن، ليس له مال، ولا زوجة، ولا أبناء ولا بنات، فهذا الرجل قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم عنه للصحابة ” إذا قدم عليكم فاطلبوا منه أن يستغفر الله لكم ” أي يستغفر لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي. 

وهم خير منه لكنها حكمة من الله تعالي علي عبادة وخلقه، فكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خلافته كلما أقبل وفد من أهل اليمن سألهم، وقال أفيكم أويس بن عامر القرني؟ فيقولون لا” فتوفي أبو بكر ولم يأتي أويس، وتولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، فكان يسأل أهل اليمن حتى أتاه وفد الحجاج من أهل اليمن، فقال أفيكم أويس بن عامر القرني؟ قالوا نعم، يا أمير المؤمنين عندنا رجل يَرعى الإبل لنا في الوادي، إن كان هو الذي تقصد فهو راعي غنم، ماذا تريد من راعي الغنم؟ قال أله والدة؟ قالوا نعم قال أهو بار بها؟ قالوا نعم، قال أصابه برص فبقي في بطنه كالدرهم من آثار البرص، قالوا نعم، فقال للصحابة قوموا بنا إلى أويس بن عامر فركب حماره رضي الله عنه وأرضاه ومعه علي وجل الصحابة، وذهبوا إليه في الوادي.

وهو في ضاحية من ضواحي المدينة، أتوا إليه، وقد توضأ وجعل عصاه سترة له إلى القبلة، يسجد ويركع ويدعو ويبتهل إلى الله، فانتظر عمر بن الخطاب رضي الله عنه حتى انتهى أويس من الصلاة، فسلم عليه، وقال له عمر من أنت؟ قال أويس بن عامر قال ألك والدة؟ قال نعم، قال اكشف عن بطنك، فكشف، فرأى عمر رضي الله عنه كالدرهم من البرص في بطنه، فقبل عمر بطنه، وقال استغفر لي، فبكى أويس بن عامر، وقال سبحان الله أستغفر لك وأنت أمير المؤمنين، قال إن النبي صلي الله عليه وسلم قال لنا ” يقدم عليكم من أهل اليمن رجل له والدة هو بها بار، لو أقسم على الله لأبره، يدخل بشفاعته مثل قبيلة مضر يوم القيامة في الجنة ” فقال غفر الله لك يا أمير المؤمنين، فأخذ الصحابة يقولون استغفر لنا استغفر لنا، وهو يدعو لهم، ثم قال عمر أتريد أن تقيم معي في المدينة؟ 

قال يا أمير المؤمنين اتركني أحيا يوما جائعا ويوما شبعانا حتى ألقى الله، فعاد عمر بن الخطاب وسأل عنه في اليوم الثاني فلم يجده، وسأل رفقته فلم يجدوه، وقالوا اختفى وذهب إلى العراق وحيدا غريبا، حتى لقي الله تعالي، وهو يشفع يوم القيامة لمثل القبيلة العربية العظيمة مضر، يدخلهم الجنة بسبب بره بأمه، فرضي الله عن أويس، الذي استغفر لأصحاب النبي صلي الله عليه وسلم فقد ذهب إلى الله ببره بأمه، فإن الله تعالى هدانا لهذا الدين، وأخرجنا من الظلمات إلى النور، وأخرجنا من عبادة العباد إلى عبادته وحده لا شريك له، ومن العمى إلى نور البصيرة، فكنا على صراط مستقيم، لا نحيد عنه، وفطرنا على الأخلاق، وتمم لنا هذا الدين العظيم.

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات .. متابعة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
رجوع
واتس اب
تيليجرام
ماسنجر
فايبر
اتصل الآن
آخر الأخبار

أنت تستخدم إضافة Adblock

يجب عليك ايقافها لكي يظهر لك المحتوي