بَابٌ لِلْخَيْرِ

بَابٌ لِلْخَيْرِ

بقلم:نورهان نبيل

و كم بابٌ للخيرِ تطرقه الأرواح بطهرها و جمالها فتفيض في الدنيا نوراً وسروراً و سلاماً .
استقطع دقائق من وقتك تجعلها للمراجعة والمحاسبة لحياتك ، انظر في حالك مع العبادات، و أبواب البر والرزق، سوف تجني بإذن الله في هذه الدقائق مالا يخطر لك على بال من ترتيب الأولويات وفتح أبواب للخير جديدة .
استحضر نية صلة الرحم خلال الزيارات العائلية والواجبات الاجتماعية فهي باب من أبواب الأجر البسيطةمفتوح لنا.
صلة الرحم ، من أحب الأعمال وأفضلها إلى الله تعالى بعد الإيمان بالله، ولها مكانتها بين القيم السامية الرفيعة، ولعظيم شأنها، وجليل مكانتها، قال المولى سبحانه وتعالى في الحديث القدسي والذي رواه عبد الرحمن بن عوف – رضى الله عنه – عن رسول الله له أنه قال : يقول الله تعالى: «أنا الله … وأنا الرحمن… خلقت الرحم، وشققت لها اسما من اسمي، فمن وصلها وصلته ، ومن قطعها قطعته.
صلة الرحم حاجة فطرية
وضرورة اجتماعية تقتضيها الفطرة الصحيحة، وتميل إليها الطباع السليمة،و تعد من القيم الإنسانية والمعنوية الواجب الحفاظ عليهاو ترسيخها في كل الأسر والقبائل والعشائر،فإذا تماسكت الأسر، وتألقت العشائر والقبائل، وعمهم الحب والإخاء
سعدوا، وانتظمت أمورهم، وتعود ثمرات ذلك على الأمة فتقوى شوكتها، وترتفع رايتها،وتنعم بالتعاون والتراحم والتعاطف بين أبنائها .وهي دليل الكرم وعلامة المروءة، تكسب الشخص والعشيرة عزة وهيبة وقوة، وفوق ذلك يتنافس فيها الكرام ويتظاهربقطيعتها
اللئام، الأسرة المتمسكة بصلة رحمها فيما بينها تشملها البركة وتعمها الرحمة، في حالها وفي مآلها، وتنعم بالسعادةوالاطمئنان، يقول المولى سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَاللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَاب}.
صلة الرحم وجوها كثيرة ، فمنها ما يكون بإعطاء المال، ومنها ما يكون بقضاء الحاجات، وتفقد الأحوال، والصلة هذه ليست خاصة بمن يصلون بالمودة؛ بل إن المسلم مطالب أن يصل أرحامه جميعا بلا استثناء، سواء أحسنوا إليه أم أساؤوا.
وإن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الأسوة، وأطيب القدوة، فقد لقي من أهله ما لقي، و من عشيرته ما أقض مضجعه، وأقلق راحته وأطلق لسانه الشريف الضراعة إلى خالقه ومولاه سبحانه وتعالى مستجيراً به من إيذاء ثقيف له، إذ يقول: اللهم إني أشكو اليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك غضب على فلاأبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي.. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي غضبك أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وعلى هذا فإن المعنى الشامل لوجوه الصلة هو : إيصال كل ما يمكن من الخير، ودفع كل ما يمكن من الشر،ويختلف ذلك باختلاف القدرة، ومدى الحاجة، فمنها ما هو واجب، ومنها ما هو مستحب فمن وصل بعض الصلة ولم يصل إلى غايتها فإنه لا يسمى قاطعاً، أما لو قصر فيما يقدر عليه فلا يسمى واصلاً.
من الناس من لا يعرف قرابته بصلة : لا بمال ولا بجاه ، ولا بخلق، فتجده تمضي الشهور وربما الأعوام، وما قام بزيارتهم ، ولا تواصال معهم، ولا تودد إليهم بصلة أو هدية ، ولا دفع عنهم حاجة أو ضرر أو أذية بل ربما
أساء إليهم بالقول أو بفعل ، أو بهما جميعا. ومن الناس من لا يشارك أقاربه أفراحهم ، ولا يواسيهم في احزانهم ، ولا يتصدق على فقيرهم، بل تجده يقدم غيرهم عليهم في الصلات الخاصة ، التي هم أحق بها من غيره.
صلة الرحم من الأعمال التي يعجل الله أجرها وثوابهافي الحياة الدنيا، فالله يعجل لواصل الرحم الثواب في الدنيا مع ما يدخر له من الجزاء الحسن في الآخره، يزيد الله بها في العمر، وتنمي الأموال ،تدفع عن الإنسان ميتة السوء.
واصل رحمه لا يخزيه الله تعالى، وتكون قوة إيمانه وخشيته الله على حسب صلته برحمه، صلة الرحم من أسباب دخول الجنة، فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله! أخبرني بعمل يدخلني الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم: (تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم) .
واخيراً صلة الرحم دليل على صحة عقل الإنسان وسلامته من الأمراض العقلية السقيمة ، لأن أصحاب العقول السليمة يجمع الله بينهم وبين أحبابهم في جنات عدن،ومن وصل رحمه فهو موصول بالرحمة والعطف من الله، ومحمود بالشكر والثناءالحسن من الناس ،وتدل على الرسوخ في الفضيلة،و كرم النفس، وسعة الأفق وطيب المنبت، وحسن الوفاء.
فبادروا بصلة أقاربكم، وأحسنوا إليهم قدراستطاعتكم، فإن أجر ذلك لا يضيع عند الله.