إسرائيل والعرب

إسرائيل والعرب
تأليف ..مكسيم رودنس
بسم الله الرحمن الرحيم
(وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن
واستكبرتم)
صدق الله العظيم.
عرض بقلم:الدكتور محمد على الفرا
——–
أبوالنصر شله الشاعر الأسواني
بوادر القومية اليهودية
ــــــــــــ
يمكن القول أن القومية اليهودية بدأت في الظهور في مكانين مختلفين، هما: أولا :في منطقة نهر الفولجا الأدنى، حيث كان لليهود في الماضي دولة الخرز. وقد اتخذت هذه القومية شكل حزب سمي آنذاك ،«الحزب الإشتراكي اليهودي في الإمبراطورية الروسية» أو« البوند » كان ذلك سنة 1897م في أعقاب الاضطهادات المتلاحقة التي تعرض لها اليهود في روسيا، إثر إغتيال القيصر الإسكندر الثاني سنة 1881م، على يد أحد المواطنين اليهود.
أما موطن القومية اليهودية الثاني فكان في النمسا ،بلد الصحفي اليهودي المعروف«تيودور هرتزل».
فقد أستغل هذا حادثه الضابط اليهودي دريفوس الذي أتهم بخيانة الجيش الفرنسي فراح يكتب ويجتذب الرأي العام اليهودي العالمي بكتاباته عن«الدولة اليهودية ». فاستقطب هرتزل من حوله الكثير من زعماء اليهود وخاصه يهود الروسيا ،مما ساعد في عقد أول مؤتمر لليهود في بازل سنة 1897م حيث أرسى الأساس النظري لتلك الدولة اليهوديه. وقد أعقب ذلك المؤتمر تهجير أعداد غفيرة من اليهود إلى فلسطين بغية إنشاء المستعمرات ويقصد الإستيطان. ولاقت هذه الهجرات تشجيعاً من كل الشعوب الأوروبية التي لم تكن تحسب للعرب، سكان فلسطين الأصليين، أي حساب. وهذا يرجع فيما يرجع إليه، إلى الفكره الخاطئة التي تسيطر على أذهان أهل الغرب ،والتي تعتبر كل بلد خارج القارة الأوروبية فراغاً فكرياً وحضاريا ومن واجب الأوروبي أن يملأ هذا الفراغ بفكره وحضارته!
القومية العربية
________
في الوقت الذي بدأت فيه القومية اليهودية تتبلور كحركة سياسية وتخطو الخطوات العملية لإنشاء الدوله اليهوديه المقترحة في فلسطين بدأ اعراب فلسطين يتأثرون بمؤثرات أيديولوجية أو ما يسمى بالقومية العربية. وكان ذلك في أعقاب الحركات التحررية التي ظهرت في الإمبراطورية العثمانية والتي انتهت بعزل
السلطان عبد الحميد الثاني
سنة 1908م، وأدت إلى تعصب الأتراك قوتهم، وتنكرهم لإخوانهم العرب، زملاء الأمس في الكفاح ضد العهد البائد. وكان من نتيجه هذا التعصب والتنكر ،الذي صحبه شيء من البطش والإضطهاد أن دخلت القومية العربية مرحله جديده من حياتها فانصرفت إلى مطالبة الأتراك بالحرية ولو ضمن إطار الدولة العثمانية.
بريطانيا تمهد لقيام إسرائيل
————
وعلى الرغم من إنحياز العرب
إلى جانب الحلفاء ضد الأتراك في الحرب العالمية الأولى، وبالرغم أيضا مما وعدوا به من إستقلال لدى إنتهاء الحرب لصالح الحلفاء، فقد تنكرت إنجلترا لعهدها المقطوع للعرب، واصدرت في الثاني من نوفمبر 1917م وعد بلفور المشهور، الذي يخول بموجبه اليهود إنشاء وطن قومي لهم في فلسطين. وحينما استتب الأمر لإنجلترا في البلاد المقدسة عينت أول مندوب سام لها السير هربرت صمونيل
وهو يهودي صهيوني من المتحمسين لقيام الدولة اليهودية. وقد فتحت في عهده أبواب فلسطين على مصراعيها لكل يهود العالم، وهكذا ارتفعت نسبة اليهود من مجموع سكانها من ١٧,٧٪
في سنه 1931م الى 28% في 1939م وكانت النتيجة الطبيعية لذلك ثار عرب فلسطين على هذا الغزو اليهودي لبلادهم. إلا أن الدوله البريطانية المنتدبة عملت كل ما في وسعها لمساعدة اليهود لبرلوغ أهدافهم. فالأحزاب البريطانية، وخاصه حزب العمال ،كان يتعاطف مع الحركة الصهيونية. أما داخل فلسطين فيقول المؤلف أن الإدارة البريطانية كانت تشعر أحيانا بالعطف
على العرب،ولكنها كانت مكلفة بتنفيذ مخطط مرسوم ،ولم يكن لها وزن أو تأثير في سياسة الحكومة البريطانية بلندن ،وقد كانت ترضخ لمطالب
الصهاينة ورغباتهم.
إنسحاب بريطانيا من فلسطين
—————-
سمحت بريطانية لليهود في فلسطين بإنشاء وكاله لهم تدير شئونهم وترعى أمورهم وكانت هذه بمثابة دولة داخل دولة، وأمدها يهود العالم بكل مقومات الحياة والقوة وساعدتها دولة الإنتداب بالتدريب العملي كي تتسلم مقاليد الحكم والإدارة في اليوم الموعود. وكان للوكالة اليهودية تنظيمات تشرف على شؤون الصحة والتعليم فضلاً عن الجيش الذي كان متمثلاً في عصابات، أهمها الهجانة والارجون وشترن.
وفي 14 فبراير 1947م أعلن بيفن وزير خارجية بريطانيا آنذاك عن عزم بلاده على الإنسحاب من فلسطين . وفي 29 نوفمبر من ذلك العام أوصت الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود، وتدويل منطقة القدس مع ربط الأقسام الثلاثة في وحده اقتصاديه.
وحينما أقترب موعد إنسحاب القوات البريطانية من فلسطين اشتدت ضراوه القتال بين العرب واليهود، كل يريد أن يستولي على أكبر قدر ممكن من الأراضي. ويذكر أن القوات البريطانية التي بدأت تتمركز في المدن الفلسطينية استعداداً للرحيل والتي تعهدت بالتزام الحياد كانت تحابي العرب حينا واليهود احيانا. ولم يحدث بينها وبين اليهود اشتباك إلا حين دعت الضروره لذلك وحين سعى اليهود إلى إحتلال المزيد من المناطق التي نص مشروع الأمم المتحده على أن تكون عربية، كمدينة يافا التي نجح اليهود أخيراً في احتلالها. ويذكر المرء هنا كيف أن القوات البريطانية قبل وأثناء انسحابها من المدن والمراكز الهامه في فلسطين، حرصت وعملت على تسليم تلك المدن والمراكز الى اليهود.
الغرب يسئ فهم العرب
———–
على إثر هزيمة عام 1948م قامت عدة انقلابات في الوطن العربي تريد إصلاح الأوضاع . وكان الغرب ينظر إليها نظرةشك وارتياب ، ويخشى من تقارب بين العرب وبين الإتحاد السوفيتي، على الرغم من أن من زعماء العرب كثيرا ما أوضحوا للغرب أهدافهم وآمالهم في أن يعيشوا أحرارا كراماً في بلادهم. وهنا يقول المؤلف«أن الخطا الجسيم الذي وقع فيه خبراء الشرق الأوسط في الدول الغربية هو في إنهم لم يفهموا الآمال العربية على حقيقتها. فالعرب كانوا يرون الخطر الذي يتهددهم من التوسع الصهيوني. أما بالنسبة إلى الإتحاد السوفيتي فكانوا يشعرون بأن لا مصلحه لهم في عداء دولة كبيرة لا تشكل خطراً عليهم. وكانوا يرون أيضا بأن على دول الغرب أن تضغط على اليهود كي يقبلوا قرارات الأمم المتحدة. ولايحق للغرب على كل حال أن يلزمهم«أي للعرب»
بالدخول في احلاف لا ناقه لهم فيها ولا جمل».
ولا يلام العرب طبعاً حينما ولوا وجوههم نحو الشرق طالبين السلاح الذي منعه عنهم الغرب. هذا السلاح يحتاج إليه العرب لا ليعتدوا به على غيرهم بل ليحرروا به أرضاً اغتصبت منهم، وليعيدوا به شعباً طرد من وطنه وداره.
والنتيجة هي مزيد من اساءه للعرب ومزيد من سوء فهم لاهدافهم واتهام زعمائهم بالهتلرية ثم مزيد من الدعم لإسرائيل. فالولايات المتحدة كان دورها مد إسرائيل بالمال والسلاح وفرنسا قامت بإنشاء مفاعل ذري لإسرائيل في النقب. والمانيا قامت بتدريب الجنود اليهود في بلادها.
بن جوريون يدورفي دوائر ثلاث
————
يقول المؤلف إن سياسة بن جوريون التي سارت عليها إسرائيل ولا تزال تتبعها تدور في ثلاث حلقات أو دوائر متصلة. بالدائرة الأولى هي الدول الكبرى، وسبقت الاشاره إليها والدائرة الثانيه، هي الدول المحيطة بالبلاد العربية مثل إيران وتركيا والدول الأفريقية كالحبشه وغيرها، وهدف هذه الدائرة وضرب طوق حول البلاد العربية تنفذ منه إسرائيل متخطيه الحصار الذي تفرضه الدول العربية عليها. والدائرة الثالثة هي دول افريقيه وبعض دول العالم الثالث.
وقداستغلت إسرائيل الصهيونية في ربط هذه الدوائر بعضها ببعض لتنفيذ الأهداف والمطامح اليهودية، معتمده في ذلك على الدعايه ضد العرب وتشويه سمعتهم.
أسباب ظاهرة وأخرى باطنة لحرب ١٩٦٧م
—————–
ثم يتناول المؤلف بالسرد والتحليل سير الأحداث في البلاد العربية تم وإسرائيل عشية حرب 1967م كتزايد الحركات الفدائية في الأراضي السورية، وغطرسة، إسرائيل وإصرارها على زراعه واستغلالها الأراضي المجردة من السلاح بينها وبين سوريا.
ثم أعمال إسرائيل العدوانية والانتقاميه في الاراضي السورية والأردنية وأخيراً تفاقم الأزمة حينما أطلقت إسرائيل تهديداً في 11 مايو باحتلال دمشق وإسقاط نظام الحكم
فيها.
ويرى المؤلف أن هذه ليست الأسباب الحقيقية لحرب 1967، وإن الأسباب الرئيسية إنما تكمن في رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في التدخل لإسقاط حكومة سوريا ،بعد أن ازدادت المخاوف من انتشار النفوذ الروسي، واتخاذ اللاذقية كميناء أو محطه للسفن الروسية في البحر المتوسط. الأمر الذي أقلق الأمريكان ،وقد نجحوا في إحداث إنقلاب في اليونان وهاهم يدبرون لانقلاب ثان في سوريا، بعد أن أقترب الأسطول السادس من السواحل الشرقية للبحر المتوسط.
إشارات لا سلكية من الأسطول السادس
—————
أدرك الروس الخطر المحدق بسوريا، ونبهوا مصر وطلبوا منها ضرورة الإستعداد والتيقظ .
وبعد ذلك التقطت السفن الحربية في البحر المتوسط إشارات لاسلكية تبادلها الأسطول السادس وإسرائيل ودلت تلك الإشارات على نية الطرفين في العدوان. وقيل أن المعلومات عن العدوان سرقت من إسرائيل بواسطة جنرال فرنسي. ولكن المؤلف يميل إلى الإعتقاد أن هذه كلها كانت عمليات مدبره و مقصوده لجر مصر والعرب إلى حرب ليسوا مستعدين لها بخلاف إسرائيل التي كانت تخطط لها منذ زمن بعيد.
وزاد إحتمال هذه الحرب أن تغلب فريق الصقور في إسرائيل بزعامه موشي ديان وبيرس على الفريق الآخر الذي يتزعمه رئيس الوزراة آنذاك ليفي اشكول، وقد ساعدهم على ذلك ضعف شخصيه اشكول، وقصر نظره وضعف حجته، وعدم قدرته على الكلام والاقناع بعكس سلفه بن جوربون.
الصهيونيه حركه استعمارية
————-
ان اليهود حينما جاءوا إلى فلسطين، لم تكن في نيتهم الاقامه والعيش مع عرب فلسطين، وكان هدفهم أقام الدولة وتشريد شعب، ولذلك قاومهم العرب واعتبروهم غزاة استعمارين. ولو كانت نية اليهود مجرد البحث عن مكان يعيشون فيه لرحب بهم العرب كما رحبوا بغيرهم من أقوام طردوا من ديارهم في ظروف رهيبة قاسية .فالارمن مثلاً بعد اضطهاد الأتراك لهم وجدوا من العرب كل حسن وفادة واستقباله. وهاهم اليوم يحتفظون بلغتهم وتراثهم وحضارتهم مع أنهم يعيشون في أرض عربية وفي محيط العرب.
الأضهاد القديم
لا يبرر اضطهاداجديدا
————-
ويقول الكاتب إذا كان لليهود الحق في إنشاء دولة لهم بعد أن تعرضوا لاضطهاد أوروبا لهم فليس هناك من سبب يدعو العرب أن يكونوا الضحيه.
فإذا كانت أوربا تريد أن تكفر عن أخطائها نحو اليهود فالمنطق
يقتضي أن تتنازل هي عن جزء من اراضيها لهم، ليقيموا عليه دولتهم، لا أن تتكارم وتسخى وتكفر عن ذنوبها على حساب العرب. واذا كان اليهود أنفسهم قد تعرضوا لظلم واضطهاد الأوروبيين فليس هناك من داع يدعوهم إلى أن يمارسوا مثل هذا الاضطهاد على الشعب العربي الذي لم يسيء اليهم بل كان دوما كريماً معهم. كان من الأولى أن يوجه الانتقام إلى المنتقم لا إلى البريء. إن الصهيونية وإن نجحت اليوم في خلق الدوله اليهوديه فانها إقامتها على أسس غير سليمة. فالقوه التي اعتمدت عليها لن تدوم إلى الابد، وحظوظ الأمم في صعود وانخفاض.
فكما فشلت الدولة الصليبيه ان تبقى وتدوم في أرض العرب، فان إسرائيل ستلقى نفس المصير الذي لاقته هذه الإمارات اللاتينيه في فلسطين.أن الصهيونيه، كما يقول المؤلف، لم تحقق أهدافها الكاملة بعد، ما دامت دولة اسرائيل، من وجهه النظر الصهيونية هي المرحلة الأولى من مراحل أبعد مدى:
منها بعث العنصر اليهودي من جديد، من بعد تشريد.
القوه لا تكفي لخلق دولة
————
كثيراً ما تدعي إسرائيل أنها أسهمت كثيراً في تطوير الشرق الأوسط إقتصاديا و تكنولوجيا وحضاريا. ومن العجيب أن ينساق في هذا التيار المضلل أهل الغرب، وهم يدافعون عن اسرائيل، ويبررون لقيامها معتقدين أن إنشاء هذه الدولة المتقدمة حضارياً واقتصادياً هو من حسن طالع الشرق الأوسط .إن مثل هذا القول ينطبق إلى حد ما على حاله الإستعمار الأوروبي حينما كان يدعي بأنه ما قام باحتلاله للبلاد المتخلفة إلا لأجل تطويرها وتحضيرها، وكانه رسول الحضاره والتقدم. ورغم استنكارنا للاستعمار فإن أوجه الشبه في هذا المجال مفقوده، فالاستعمار الأوروبي، رغم قيامه بعملية التحضير(وهي تخدمه في الدرجة الأولى )فأنه تعرض لقيام الكثير من الثورات والحركات التحريرية في البلاد التي استعمرها.وكانت
النتيجة أن ذهب المستعمرون،وعادوا من حيث جاءوا.أما اليهود فما جاءوا ليذهبوا وإنما ليقيموا إلى الأبد.وهم لم يسمحوا لأبناء البلاد الأصليين حتى بمشاركتهم في العيش معهم،بل طردوهم إلى خارج بلادهم.ثم أن العرب في نفس الوقت لم يكونوا بحاجة إلى تحضيرهم وتطويرهم،وهم في غنى عن خبرات اليهود وجودهم ماداموا على مقربة من أورربا وتحت تصرفهم خبرات الشعوب المتقدمة في الغرب عامة.
الحجة التاريحية واهية
———–
إن تمسك إسرائيل بسند تاريخي هو أن فلسطين كانت موطناً لليهود قبل ألفين من السنين، أمر لا يقبله العقل. ولو جاز لنا واخذنا به لوجب على كل شعب أن يبحث عن أصله وموطنه، وهو مبدأ خطير، ولو طبق لتغيرت ولا شكلت خريطة العالم السياسية. فالانجليز وهم أحفاد السكسون ليسوا أصلا في إنجلترا التي كانت أرض الكلت.
سياسة الأمر الواقع غير مجدية
———-
وإن سياسية الأمر الواقع التي تتبعها إسرائيل بتاييد من قوى العالم الكبرى هي أيضاً سياسة خاطئه.
فإسرائيل ،ومن ورائها القوى المؤيده، تطلب من العرب الإعتراف بها أولا وقبل أن تستجيب لاي شيء من مطالب العرب. الإعتراف بها أولا وقبل أن تستجيب لأي شيء من مطالب العرب.
سياسة الأمر الواقع هذه هي مبدأ «بن جوربون»
الذي لا يريد أن تتنازل إسرائيل عن شبر واحد من أرض احتلتها رغم تصريحاته بخلاف ذلك، ولا تسمح بعودة فلسطيني واحد طرد من وطنه ودياره. واليوم يطلب من الدول العربية الإعتراف بإسرائيل قبل أن تنسحب إسرائيل عن الأرض التي احتلتها في حرب 1967م، وحينما يرفض العرب ذلك يتهمون بمخالفة العرف والأخلاق الدولية. ولا يخفى أن سياسة الأمر والواقع الاسرائيليه هذه إنما قامت على القوةلا على اي أساس خلقى.
ويقول المؤلف أن على إسرائيل أن لا تتعجل أمر الإعتراف بها من جانب العرب بل تبدأ هي أولا بإظهار النوايا الحسنةوتحقق شيئاً من مطالبهم العادلة.
نظره إلى المستقبل
————–
ويضيف الكاتب إلى ذلك قوله إن إسرائيل مدينة في وجودها إلى عوامل سبق التعرض لها ولكن من الجائز أيضا أن عوامل أخرى قد تؤدي إلى هدمها.
فلو افترضنا أن التهديد الخارجي لإسرائيل سيزول ويختفي فإن الصراع في داخل إسرائيل سينشط حينئذ ويلعب دوره في إضعاف إسرائيل. فالعناصر الرجعية ودعاة التوسع سيفقدان بهذا ما لديهم من أوراق رابحة كانوا يستغلونها في استقطاب الشعب اليهودي وتوجيهه إلى الخطر الخارجي. وبديهي أيضاً أن وحدة اللاسامية ستضعف في أوروبا و أمريكا، وهذا بدوره سيحد من الهجرة اليهودية إلى إسرائيل ويشجع على الهجرة بالاتجاه المعاكس. ومن شأن هذا وذاك في المدى البعيد أن تفقد الصهيونية قوتها، ويحرج مركزها، بحيث تكف عن القيام بدور رأس جسر للدول الإمبريالية،وتتخلى عن سياساتها العدوانية وتندمج في منطقة الشرق الأوسط. وسيضطر اليهود في تلك الحال إلى التعايش السلمي مع العرب في دولة واحدة قائمة على قوميتين. ولو شاءت إسرائيل لسارت على هذا الطريق ولوجدت أن الشرق الأوسط يتقبلها.
ولحلت بذلك مشاكل اليهود القديمة بدلاً من أن تضيف إليها مشاكل أخرى أشد خطراً وأكثر استعصاء.
مع تحيات أبوالنصر شله الشاعر الأسواني
الشريف العباسي الهاشمي
مع تحيات أبوالنصر شله الشاعر الأسواني