لا تحزن على ما كان

لا تحزن على ما كان
محمود السنكري
لا تحزن على ما كان..
وإياكَ أن تحزن على فوات الأشياء..
هناك أشياء كان ينبغي لها أن ترحل إلى الأبد..
وهناك أشخاص كان ينبغي لهم منذ زمن أن يعودوا غُرباء..
وهناك مواقف مَريرة كانت لابد أن تمر عليك لتصبح أقوى في مواجهة غيرها فيما بَعد..
وهناك فرص لابد وأن تضيع لأنها لو لم تَضِع لَضِعتَ أنت..
وهناك أيام لابد أن تَخلُو عليك حتى تعلم قيمة الأيام التي سوف تَحنُو عليك..
لا تنظر لكل ما كان مُرًا على حقيقته..
بل انظر إلى على ما أدى إليه، وما غرسَ فيك مِن بعده ، وما أنقذكَ مِن الوقوع فيه ، وما سوف يفتح مِن بعده مِن أبواب كانت غائبةً عن أَعيُنِك..
فلولا إصابتك بنزلات الإعياء والمرض صغيرًا، لما تكوّنَت مناعتك ضِدها الآن، فأصبحت تمر بها كل لحظة ولا تؤثر بك..
ثم واللهِ لو أنكَ لم تخرج مِن كل درسٍ قاسٍ في دنياك الا بأجره عند الله، لكفاك ذلك وزاد..
وتذكر عند كل فَقْد “فَأرَدنَا أن يُبدِلَهُما ربهما خيرًا منه” ، “واللهُ يَعلمُ وأنتم لا تَعلمون”.
لا يُمكن أن تعاني فقدًا دون أن تنال عِوَضًا بعده يشفي لهيب روحك، بدايةً مِن شعور السكينة بقضاء الله والتسليم له، نهايةً بدمعة مِن عينٍ قريرة بجميلِ رزق الله..
فما كان مع زكريّا من الأسباب إلّا شيبةُ رأسِه، وامرأةٌ عاقِر، ورغم ذلك كانت النتيجة: إنّا نبشّرُك
المسألة كلُّها: قلبٌ موقِن.
فإنّ الله ما أحدثَ لكَ أمرًا إلا لخير، وما أنزلَ عليكَ أمرًا ليرهقك بل ليعقبهُ خيرًا فيرضيك، وما أبكاكَ مرارةً ليُشقيك بل لتتلذذ بعَاقبةِ الفرح والسرور، وما أخذ منكَ شيئًا إلا ليُعطيكَ ما هوَ أعظم منه؛ لكن لم يحِن وقته بعد.
لا تدري لعل الله بحكمته قَدَّر لك التعثُر لتختار طريقاً آخر خُبِئَت فيه سعادتك، وتظن أنك حُرِمت و الحقيقة أنك وفّقت ورُحمت.