الأثار و السياحه

حكاية مسجد لم تُقم فيه صلاة منذ تشييده قبل 5 قرون

حكاية مسجد لم تُقم فيه صلاة منذ تشييده قبل 5 قرونحكاية مسجد لم تُقم فيه صلاة منذ تشييده قبل 5 قرون .

كتبت سماح إبراهيم

في شارع باب الوزير بالدرب الأحمر بمحافظة القاهرة المصرية، تقع درة معمارية أطلق عليها مجموعة «الخربكية»، أو مجموعة خاير بك، وتتكون المجموعة من مسجد مستطيل الشكل ذي مئذنة مكونة من 3 طوابق، تقوم على قاعدة مربعة، وتحتوى المئذنة على سلمين يلتفان على شكل حلزوني حولها من الداخل بحيث لا يلتقيان إلا في الطابق الثالث، أما قبته فمزينة بزخارف تحوي «شبابيك» عمودية على كل حوائطها من الداخل، أما واجهتها فمغطاة بقبوات حجرية دقيقة الصُنع.
لكن هذا المسجد الواقع داخل المجموعة الخربكية، رغم كونه تحفة معمارية تاريخية، إلا أنه لم تقام به الصلاة يوماً.. فما هي قصته؟
بحسب المراجع التاريخية فإن الأمير خَايَر بك بن ملباي المحمودي هو أحد أمراء المماليك الجراكسة، وأول والٍ على مصر بعد الحكم العثماني.
ولد الوالي في بلدة «صمصوم» بجورجيا، وأحضره والده للسلطان قايتباي ليكون من مماليكه، لكنه كان مُتعالياً على غيره من المماليك حيث كان يطمح للسلطة، ويعتبر نفسه أعلى منزلة منهم، حيث يعرف أصله ونسبه، فيما قدم معظم المماليك من أسواق النخاسة.
استمر خاير بك في الترقي حتى أصبح حاجب الحجاب في بداية سلطنة الغوري، الذي عينه نائباً على حلب وظل في هذه الوظيفة حتى 922 هجرية، حيث غزا السلطان سليم الأول الشام، وعندئذ ولاه الغوري قيادة ميمنة الجيش المملوكي، لكنه كان على علاقة بالسلطان العثماني سليم الأول، الذي وعده بحكم مصر، فلما اشتد الهجوم العثماني انسحب خاير بك بجنوده، حيث كان قائد الميمنة، فأشاع أن السلطان الغوري قد قُتل، مما أدى للخلل في صفوف الجيش، وكان هو أول من هرب من المعركة، فخلع زي المماليك وارتدى الزي العثماني وحارب إلى جوارهم، فوقعت الهزيمة المريرة في معركة «مرج دابق» والتي أدت لحكم العثمانيين لمصر لمدة 4 قرون كاملة.
وقُبض على آخر ملوك المماليك «طومان باى» وقتله، ويصبح خاير بك أول حاكم على مصر في العصر العثماني مكافأة له على خيانته، ليُطلق عليه المصريون لقب «خائن بيك»، وهو نفس اللقب الذي أطلق عليه السلطان العثماني سليم الأول أيضاً.
ظلم وقتل للأطفال
كره المصريون خاير بك، بسبب ظلمه، فكان عهده يمتاز بالقسوة والعنف وساءت فيه أحوال البلاد، وقد هان القتل في عهده حتى طال الصغار.
ويعدد ابن إياس في كتابه «بدائع الزهور»، فيقول إنه كان جباراً عنيداً، سافكاً للدماء، قتل العديد من الخلائق، وقد اخترع طريقة للقتل أطلق عليها «شك الباذنجان»، فكان يتم القتل بإدخال الخازوق في الأضلاع، وكان كثيراً ما يسكر، ويذهب عقله، ويحكم على الناس وهو في هذا الحال.
ويقول ابن إياس في كتابه «بدائع الزهور في وقائع الدهور»، إنه عندما اشتد المرض به لزم الفراش وأُصيب بالشلل التام، وأصابته 3 أمراض حتى أن الأطباء احتاروا في علاجه.
وظن الوالي الخائن أن إنفاقه لماله سيشفيه، فلجأ للتصدق على الأطفال في الكتاتيب بمنحهم الفضة ليدعوا له بالشفاء، ويضيف ابن إياس “كان يشتري الدعاء بماله”.
ولما اشتد به المرض أعتق جواريه ومماليكه، وأفرج عن كل من سجنهم ظلماً، ووزع الحبوب والغلال على المحتاجين والفقراء، فأخرج 10 آلاف أردب من القمح للتوزيع، وبنى مسجده.
وبحسب ابن إياس لم ير الناس أحسن من هذه الأيام في عهده، فجاد على الناس وبر الفقراء، ولم يعرف الله إلا وهو تحت المرض.
وتقول الروايات التاريخية إن أحداً لم يقرأ عليه الفاتحة بعد وفاته في 1522 ميلادية، لما ساد في عصره من ظلم، وترددت الروايات المتداولة بعد وفاته أفادت بأن الناس كانوا يسمعون صرخاته داخل قبره ليلاً، حتى ضجوا من ذلك.
أما مسجده فربما يكون من عدالة السماء إن المعماري الذي أقام مسجده قد أخطأ في اتجاه القبلة، لذا لم يُصلِ فيه المسلمون يوماً منذ بنائه قبل نحو 5 قرون.

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات .. متابعة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
رجوع
واتس اب
تيليجرام
ماسنجر
فايبر
اتصل الآن
آخر الأخبار

أنت تستخدم إضافة Adblock

يجب عليك ايقافها لكي يظهر لك المحتوي