مقالات

يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 8 سبتمبر 2023
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وإمتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا أما بعد، روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه “أن النبي صلى الله عليه وسلم، كانت له أمة يطؤها، فلم تزل به السيدة حفصة والسيدة عائشة حتى حرمها، فأنزل الله تعالى هذه الآية ” ياأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك” وهذا أصح طرق هذا السبب وله شاهد مرسل أخرجه الطبري بسند صحيح عن زيد بن أسلم التابعي الشهير قال” أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أم ولده إبراهيم ماريا القبطية في بيت بعض نسائه، فقالت يا رسول الله في بيتي وعلى فراشي فجعلها عليه حراما ، فقالت يا رسول الله كيف تحرم عليك الحلال فحلف لها بالله لا يصيبها.
فنزلت “يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك” وقال زيد بن أسلم فقول الرجل لامرأته أنت علي حرام لغو، وإنما تلزمه كفارة يمين إن حلف وقوله ” ليس بشيء ” يحتمل أن يريد بالنفي التطليق ويحتمل أن يريد به ما هو أعم من ذلك والأول أقرب ويؤيده ما تقدم في التفسير من طريق هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير بهذا الإسناد موضعها ” في الحرام يكفر ” وأخرجه الإسماعيلي من طريق محمد بن المبارك الصوري عن معاوية بن سلام بإسناد حديث الباب بلفظ إذا حرم الرجل امرأته فإنما هـي يمين يكفرها، فعرف أن المراد بقوله ” ليس بشيء ” أي ليس بطلاق وقيل أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم أمَته ماريا القبطية أم إبراهيم، على فراش السيدة حفصة فإذا بحفصة بالنبي صلى الله عليه وسلم فتقول في بيتي وعلى فراشي يا رسول الله؟
فقال لن أتيها مرة أخرى ولا تخبري زوجاتي بذلك فظلت به حتى أقسم بأنه لن يأتيها وحرمها على نفسه فعاتبه ربه على تحريم ما أحل الله فقال تعالى ” يا أيها النبي لما تحرم مآ أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم، قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم، والله مولاكم، وهو العليم الحكيم” وهل بقي الأمر على هذا؟ بل تعداه أن نبأت حفصة عائشة، ونبأتآ به الأخريات فأخبره الخبير العليم بذلك، فقال تعالى “وإذ أسر النبي إلى بعض أزواحه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرّف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا، قال نبأني العليم الخبير، إن تتوبآ إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين، والملائكة بعد ذلك ظهير” ثم بعد ذلك هددهن الله جل جلاله وتقدست أسماءه.
دفاعا عن نبيه صلى الله عليه وسلم فقال “عسى ربه إن طلقكنّ أن يبدله أزواجا خيرا منكنّ مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا” والشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم عرّف بعضه وأعرض عن بعض فكان كثيرا ما يتجاوزعن أخطائهن حتى في هذه ، فتكفل ربه بالرد عليهن فهذا هو خلق النبي صلى الله عليه وسلم معهن وفي كثير من المواقف لم يزد على “إنكن صويحبات يوسف” فاللهم اغفر لنا ذنوبنا ووسع لنا في دورنا، وبارك لنا فيما رزقتنا، اللهم إنا نسألك من فضلك ورحمتك فإنه لا يملكها إلا أنت، اللهم إنا نعوذ بك من الهرم، والتردي، والهدم، والغم، والغرق، والحرق، ونعوذ بك من أن يتخبطنا الشيطان عند الموت، اللهم باعد بيننا وبين خطايانا كما باعدت بين المشرق والمغرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
رجوع
واتس اب
تيليجرام
ماسنجر
فايبر
اتصل الآن
آخر الأخبار