مقالات
ولقد صرفناه بينهم ليذكروا
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وسبحانه أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين، ثم أما بعد يقول ابن عباس رضي الله عنهما كانت السماوات رتقا لا تمطر، وكانت الأرض رتقا لا تنبت، فلما خلق للأرض أهلا فتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات، ومما يدل على عظم نعمة المطر، الأوصاف التي ذكر الله في كتابه، فأحيانا يصف الله المطر بالبركة، وأحيانا يصفه بالطهر، وأحيانا بأنه سبب للحياة، ونحو هذا من الصفات التي لا تليق إلا بهذه النعمة العظيمة، فالبركة والطهر وأحياء الأرض في هذا المطر، فإننا بحاجة لشكر الله عز وجل في كل وقت وفي كل حين.
وعلى كل نعمة ينعم بها الله جل جلاله، وخاصة في هذه الأيام، فمن واجب الله علينا أن نشكره، فقد سقى البلاد والعباد، وأنزل هذا الماء الذي جعله سبب حياتنا، فمنه نشرب، ومنه نسقي حرثنا وأشجارنا، منه وبسببه ينمو الزرع ويدر الضرع بإذن الله تعالى، فإننا إذا لم نشكر الله على نعمة المطر، فإننا لن ننتفع منه، بل سوف يجعله الله أجاجا غير صالح للاستعمال، ومعنى أجاجا أي مالحا لا ينتفع به، وإن الله عز وجل قادر أن يجعله أجاجا، قادر أن يجعله مالحا، لا ينبت زرعا، ولا يسقي إنسانا، ولا ينتفع به حيوان ولا غيره، فيستطيع الله، أن يجعل هذا الماء بعيدا، لا أحد يستطيع الوصول إليه، فلنشكر الله يا عباد الله، نشكره على هذه النعمة التي خصنا بها وأنزلها رحمة بنا، وليكن شكرنا شكرا حقيقيا، نشكره بألسنتنا.
ونشكره بأعمالنا، نعمل شكرا له سبحانه، أليس هو القائل ” اعملوا ءال داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور” ولنحذر من كفران النعم، فإن النعم إذا شكرت زادت ودامت ونفع الله بها، وأما إذا كفرت فإنها تزول وتنتهي، نسأل الله السلامة، فالله الله يا عباد الله، اجعلوا ألسنتكم تلهج بشكر الله، وجوارحكم تعمل بطاعة الله شكرا لله، ويقول شيخ الإسلام ابن كثير في تفسير قول الله سبحانه وتعالى ” ولقد صرفناه بينهم ليذكروا ” أي أمطرنا هذه الأرض دون هذه، وسقنا السحاب يمر على الأرض ويتعداها ويتجاوزها إلى الأرض الأخرى فيمطرها ويكفيها ويجعلها غدقا، والتي وراءها لم يُنزل فيها قطرة من ماء، وله في ذلك الحجة البالغة، والحكمة القاطعة، وقال ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم ليس عام بأكثر مطرا من عام.
ولكن الله يصرفه كيف يشاء، ثم قرأ هذه الآية ” ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبي أكثر الناس إلا كفورا ” أي ليذكروا بإحياء الله تعالي الأرض الميتة، وأنه قادر على إحياء الأموات والعظام الرفات، أو ليذكر من منع المطر إنما أصابه ذلك بذنب أصابه، فيقلع عما هو فيه، فالذنوب والمعاصي هي سبب كل شر، وهي طريق كل بلاء، فلنحذر الذنوب والمعاصي أيها الأخوة المؤمنون، وعليكم بكثرة الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى، والإيمان بالله والتقوى، اسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره، وحسن عبادته إنه سميع مجيب، اللهم أيقضنا من رقدة الغافلين، وأغثنا بالإيمان واليقين واجعلنا من عبادك الصالحين وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
تابعنا على جوجل نيوز