أخبار محليه

ولدى الهدى

ولدى الهدىinbound8773148620286589796
كتب ضاحى عمار
حينما وُلد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وُلد معه نور أضاء العالم بأسره، فقد كان مولده إيذانًا ببداية حقبة جديدة للبشرية، تخلّصت فيها من ظلمات الجهل والكفر. وُلِد النبي في صبيحة يوم الاثنين الموافق 12 من ربيع الأول في عام الفيل، في مكة المكرمة، لتُصبح هذه اللحظة محطة فارقة في تاريخ الإنسانية جمعاء. قال أحد المفكرين: “حُقّ للأرض أن تفرَحَ بمقدمه، وحقّ للزمان أن يفخر بمجيئه بعد أن غرق أهل الأرض في ظلمات الكفر والوثنية.” لقد كان ميلاده نقطة انطلاق للنور الذي سيغير مجرى التاريخ.

نشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتيمًا، بعد وفاة والده قبل مولده بأشهر قليلة. ورغم اليُتم، إلا أن الله هيأ له الرعاية والحماية. فقد تولى جده عبد المطلب رعايته، ثم عمه أبو طالب بعد وفاة الجد. خلال تلك الفترة، عاش النبي صلى الله عليه وسلم في كنف أسرته، التي رغم بساطتها، كانت تحمل مكانة مرموقة بين أهل مكة.
أرضعته السيدة حليمة السعدية في ديار بني سعد، حيث قيل إن البركة حلّت على أهلها منذ اللحظة التي استقبلوا فيها هذا الطفل المبارك. عُرف النبي منذ صغره بالصدق والأمانة، وهي صفات لم تكن شائعة بين أبناء قومه في تلك الفترة، مما أكسبه احترامًا وتقديرًا كبيرًا بين الناس، حتى لقب بـ “الصادق الأمين”.
تكليف الله له بالدعوة
حينما بلغ النبي الأربعين من عمره، جاءته الرسالة من الله، وأمره بأن يدعو الناس إلى عبادة الله الواحد الأحد وترك عبادة الأوثان. بدأ نزول الوحي عليه في غار حراء، عندما نزل عليه الملك جبريل عليه السلام لأول مرة، قائلاً له: “اقرأ”. فكانت هذه اللحظة بداية رحلة دعوته، التي واجه خلالها الكثير من التحديات والصعوبات.
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مُكلّفًا بحمل أمانة عظيمة، وهي تبليغ رسالة الإسلام للعالم أجمع، وهذا ما عبّر عنه القرآن الكريم بقوله: “يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ” [المدثر: 1-2]. لقد بدأ النبي في دعوة الناس إلى عبادة الله، مُتحملًا الصعاب والمشاق التي واجهته في سبيل نشر دعوته.
الدعوة والصبر عليها
بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته سرًا بين المقربين منه، ثم بدأ يظهر دعوته للجميع، وهو يعلم أن الطريق لن يكون سهلاً. ورغم الأذى الذي تعرض له من قريش وأهل مكة، إلا أنه كان صابرًا مُحتسبًا. لقد حاولوا إغراءه بالمال والجاه ليترك دعوته، لكنه قال قولته المشهورة: “والله، لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته.” هذا الصبر والثبات على الحق كانا من أبرز سمات النبي طوال فترة دعوته.
علامات حبنا للنبي صلى الله عليه وسلم حب النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجرد كلمات تُقال أو مشاعر تُعبر عنها الألسنة، بل هو اتباع لمنهجه وسنته في الحياة. الله تعالى يقول في كتابه الكريم: “قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ” [آل عمران: 31]. فالحب الحقيقي للنبي يتجلى في الاقتداء به في جميع نواحي الحياة، وفي السير على خطاه في الدعوة، الرحمة، والصبر.
الصحابة رضوان الله عليهم كانوا أصدق مثال على هذا الحب، فقد قدموا أنفسهم وأموالهم فداءً للنبي ولدينه. كانوا على استعداد تام للتضحية بكل شيء من أجل نشر رسالة الإسلام والدفاع عن النبي.
حكم الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور التي تختلف حولها الآراء. فهناك من يرى أن الاحتفال بمولده نوع من التعبير عن الحب والتقدير، بينما يرى آخرون أن الاحتفال بدعة لم تكن موجودة في عهد النبي ولا الصحابة، وبالتالي لا ينبغي القيام به.
الأمر المهم هو أن الاحتفال بمولد النبي يجب أن يكون بالاقتداء به واتباع سنته في الحياة، وليس بمجرد الاحتفالات الشكلية. قال الله تعالى: “وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا” [الحشر: 7]. علينا أن نجعل من ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم فرصة لتجديد العهد باتباع سنته والتفكر في سيرته العطرة، لكي نتعلم منها كيف نعيش حياتنا وفقًا لما علمنا إياه النبي.
مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان نقطة تحول في تاريخ البشرية، فقد جاء بالرسالة التي أنارت العقول وحررت النفوس من ظلمات الكفر والجهل. حب النبي لا يتوقف عند الاحتفال بمولده، بل يجب أن يكون حبًا عمليًا يظهر في أفعالنا وسلوكياتنا اليومية من خلال اتباع سنته والاقتداء به في جميع نواحي الحياة. نسأل الله أن يرزقنا حب النبي ويجمعنا به في الفردوس الأعلى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار