دنيا ودين

ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن

ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه سبحانه وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، أما بعد قال الإمام علي رضي الله عنه “من لانت كلمته، وجبت محبته” وهذا شيء مشاهد، فالناس يحبون، ويميلون إلى من يتلطف بهم بالقول، وينفرون غاية النفور ممن يخاشنهم في الكلام، ويزجرهم في المخاطبة، وأما مع الأعداء فإنه يطفئ نار العداوة، ويكسر حدتها، أو على الأقل يوقف تطور الشر، فإذا تكلم العبد بكلمة قد تنتقد، وتعاب فإن الشيطان قد يتخذ ذلك مدخلا لإثارة الضغائن، وإثارة النفوس فيحصل من الشر، والعداوات ما لا يقادر قدره. 

 

وقد أخرج الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما مرفوعا إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم ” إن في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها فقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه وكان حاضرا لمن هي يا رسول الله؟ قال صلي الله عليه وسلم ” لمن ألان الكلام، وأطعم الطعام، وبات لله قائما، والناس نيام” وفي الحديث الآخر ” أطب الكلام، وأفشي السلام، وصل الأرحام، وقم بالليل، والناس نيام، ثم ادخل الجنة بسلام، وقد قال الله تعالي في سورة البقرة في الميثاق الذي أخذه على بني إسرائيل والمراد بالميثاق هو العهد المؤكد، فالله تبارك وتعالى ذكر في هذا الميثاق التوحيد، وعبادته وحده لا شريك له، وهذا هو الأصل الكبير. 

 

الذي عليه مدار بعث الرسل عليهم الصلاة والسلام ثم ذكر لهم الحق الآخر، وهو حق الوالدين، ثم ذكر القرابات، ثم ذكر الضعفاء من الأيتام، والمساكين، ثم أمر بالإحسان إلى سائر الناس “وقولوا للناس حسنا” وهذا أمر من الله تعالي والأصل أن الأمر للوجوب، فقضية إحسان القول، والملاطفة بالقول ليست قضية إختيارية إن شاء الإنسان تخلق بها، وإن شاء تخلى عنها، بل هي شيء لازم، واجب، قد أمر الله تبارك وتعالى به، فتأملوا أنه بعد أن بين الله عز وجل الحقوق العملية من بر، وإطعام، أعقب ذلك بالقول الحسن ليجمعوا بين الإحسانين، يجمعوا بين الإحسان العملي، وبين الإحسان القولي، وذلك أن الإنسان مهما بذل وفعل، ومهما أوتي من القدر، والإمكانات. 

 

والأموال فإنه لا يستطيع أن يستوعب الجميع بماله ولن يستطيع أن يستوعب الجميع بخدماته التي يقدمها ببدنه، فإن الوقت يضيق عن ذلك، وطاقة الإنسان تعجز عنه، ولكن هناك أمر لا يعجز عنه إنسان لجميع الخلق، وهو الإحسان بالقول، ومعني ” وقولوا للناس حسنا ” هذا فيه تأكيد على إحسان القول لأن الله تعالي وضع فيه المصدر “حسنا” موضع الاسم، كما يقال رجل عدل بدلا من أن تقول رجل عادل، والحسن هو النافع في الدين، أو الدنيا، ويشمل ذلك جملة من الأمور، فيشمل ذلك ما يتخاطب به الناس فيما بينهم، ويدخل فيه الكلام الطيب العف الذي لا عيب فيه، ويدخل فيه كل خُلق حسن، ويشمل ذلك أن نجازيهم بأحسن ما نحب أن نجازى به، أن نبذل السلام، وأن نعلمهم العلم. 

 

وفي ضمن ذلك أيضا النهي عن الكلام القبيح حتى للكفار، حيث قال تعالي ” ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ” ويدخل فيه أيضا النزاهة في القول فلا يكون فاحشا، ولا بذيئا، هذا فيما نتحدث ونتخاطب به مع الآخرين، وإذا تردد الإنسان بين كلمتين إحداهما حسنة، والأخرى قوية فينبغي أن يتخير الكلمة الحسنة، فإنه مأمور بذلك، كما يدخل في قوله تبارك وتعالى ” وقولوا للناس حسنا ” ويدخل فيه ما ندعوهم إليه بحيث يكون صوابا حقا مما جاء به الرسول صلي الله عليه وسلم لا ندعوهم إلى ضلالة، ولا ندعوهم إلى فجور، لا ندعوهم إلى منكر، لا ندعوهم إلى بدعة، لا ندعوهم إلى معصية الله تعالي.

ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات .. متابعة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
رجوع
واتس اب
تيليجرام
ماسنجر
فايبر
اتصل الآن
آخر الأخبار