أشعار وقصائد

وداعاً حادي الشعر ٠٠!! إبراهيم أبو سنة – ١٩٣٧ / ٢٠٢٤ م ٠ ( البحر موعدنا )

وداعاً حادي الشعر ٠٠!!

إبراهيم أبو سنة – ١٩٣٧ / ٢٠٢٤ م ٠

مقالات ذات صلة

( البحر موعدنا )

نعم يُعد الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة واحد من أبرز شعراء جيل الستينيات فى مصر، بسبب تميز شعره، وسلاسة لغته و العشق الذي يسكن قصيدته ٠٠

 

  ” ما علمتنى الليالى من الحزن و الفرح و آخر ما كتبته الدموع تظلين أنت . كما كنت . أنت علامة بعثى و موتى ” ٠

 

٠٠٠٠٠٠٠٠

الموت يغيب فارس الشعر الحديث و الناقد و الإذاعي إبراهيم أبو سنة عن عمر يناهز ٨٧ عاما ٠

و ذلك اليوم الأحد الموافق ١٠ نوفمبر ٢٠٢٤ م

وستقام صلاة الجنازة عقب صلاة الظهر من مسجد السيدة نفيسة، والدفن بمقبرة الأسرة بالسادس من أكتوبر، وسيقتصر العزاء على أداء مراسم الجنازة بحسب وصيته.

 

و قد بدأ قول الشعر في عام ١٩٥١ م أثناء مظاهرات تطالب بإلغاء معاهدة ١٩٣٦ م وطرد بريطانيا و من هنا شعر بالوطنية ٠ 

و من ثم جُمعت وطُبعت أعماله في مجلدات و هو على قيد الحياة ٠٠

 

و قد عرفته شاعرا و ناقدا و متحدثا من خلال برنامج فاروق شوشة لغتنا الجميلة ثم في أمسيات معرض الكتاب و برنامجه الإذاعي و المجلات و الصحف العربية و اللقاءات المتعددة منذ عهد بعيد و كتبت عنه دراسات مختلفة و أقتنيت بعض من دواوينه ٠

 

و عن فلسفته التي تتدفق كالنهر في مصب الحياة نقرأ رائعته تحت عنوان ( ما تبقَى من الأغنية ) حيث يلفها الحزن مع رحلة فيقول فيها :

كل هذا التراب الخريفى..

.. يضحك فى سخرية

حين يمضى وحيدًا ..

..بعيدًا

..إلى الجهة الثانية

داخلاً فى الدروب ..

.. التى تنتهى فى الظلام..

ليجمع ما قد تبقى من ..

.. الأغنية

باكيًا حظه تحت سروِ

البلاد

التى أقعدتهُ ..

.. بعيدَا عن الأمنية

يا ترى ما تزال الشموسُ..

..التى زرعتها الأغانى..

.. ترفرف فى قلبه ..

..ما تزال النجوم ..

..التى أشعلتها ..

.. الطفولة..

..فى أفقِهِ بادية ؟

مرة ثانية

يقرأ البحر أحلامه ..

تستجيب المياهُ ..

.. لأشجانه الطافية

يظهر العشب فوق ..

.. المناقير..

ينهض قلب ..

..من الهاوية ..

إنه طائر الذاكرة..

يبتنى عشه فى الضباب

و يعرف أن البداية ..

..فى الآخرة.

ما الذى يحفظ الرمل ..

..من اسمه؟

ما الذى تحفظ الأرض ..

..من جسمه..

غير هذا التراب

..(( المشعِ))

الذى يتناثر من حلقةِ الدائرة ؟

لم يعد يستطيع ملاطفة ..

.. العاصفة

حين تنهض من جبِها..

فى أقاصى السنين العجاف ..

..التى تتآكل ..

..بين المنى الخائفة

إنه وسط شوك الذنوب

راكض فى ضمير ..

..الغيوب

يحتمى بالسماء ..

التى ملاتها

..الثقوب

باحث فى ثنايا الليالى..

..الطوال..

عن الفجر ..ب

ين انتشار البروق ..

..عن الحلم ..

خلف الشموس التى لا تغيب

مذنب لا يثوب..

راحل لا يؤوب.

 

* نشأته :

======

وُلد الشاعر و الناقد و الإذاعي محمد إبراهيم أبو سنة ١٩٣٧ م بقرية ودى مركز الصف بمحافظة الجيزة جمهورية مصر العربية ٠

 

حاصل على ليسانس كلية الدراسات العربية بجامعة الأزهر سنة 1964.

 

عضو اتحاد كتاب مصر وعضو المجلس الأعلى للثقافة. 

 

وعمل محرراً سياسياً بالهيئة العامة للاستعلامات في الفترة من عام 1965 إلى عام 1975، ثم مقدم برامج بإذاعة جمهورية مصر العربية عام 1976 “إذاعة البرنامج الثانى”، وفى عام 1995 شغل منصب مدير عام البرنامج الثقافى، وعمل نائباً لرئيس الإذاعة المصرية، وحصل على جائزة الدولة التشجيعية في الشعر عام 1984.

من أهم أعماله الأدبية و الشعرية و النقدية :

= دواوين شعرية :

قلبي وغازلة الثوب الأزرق ٠

= البحر موعدنا ٠

= الصراخ في الآبار القديمة.

= رماد الأسنة الخضراء.

= مرايا النهار البعيد.

= رقصات نيلية.

= ورد الفصول الأخيرة.

= تأملات في المدن الحجرية.

= موسيقى الأحلام.

= حديقة الشتاء.

= أجراس المساء.

 

* مسرحيات :

– حصار القلعة٠

– حمزة العرب٠

 

* مؤلفات أخرى :

تأملات نقدية في الحديقة الشعرية: – دراسات أدبية، الهيئة المصرية للكتاب، 1989م ٠

– دراسات في الشعر العربي، سلسلة أقرأ ٠

– تجارب نقدية وقضايا أدبية، سلسلة أقرأ ٠

 

* عمله بالإذاعة المصرية: 

رأس أبو سنة إذاعة البرنامج الثقافي، ومن البرامج التي قدمها:

– ألوان من الشعر: وفيه يقدم مختارات متميزة من الشعر.

– حديقة الأوراق: وفيه يدرس النصوص الأدبية ويحللها تحليلاً فنياً.

 

* الجوائز والتكريمات والمِنح التي حصل عليها :

منحتين للتفرغ الأدبي عامي 1968م و1967م.

الزمالة الشرفية من جامعة أيوا الأمريكية، 1980م.

جائزة الدولة التشجيعية في الشعر، مصر، عن ديوانه «البحر موعدنا».

جائزة كفافيس، 1990م، عن ديوانه «رماد الأسنة الخضراء».

جائزة أحسن ديوان مصري سنة 1993م.

 

جائزة أندلسية للثقافة والعلوم، عن ديوانه «رقصات نيلية»، 1997.

جائزة محمد حسن فقي عن ديوانه «ورد الفصول الأخيرة».

جائزة الدولة للتفوق في الإبداع الأدبي في 23 أكتوبر 2001 .

 

جائزة جامعة شتيرن بألمانيا عن كتاب «العرب والأدب المهاجر»، 2008.

و جائزة أحمد شوقي ٠

و جائزة الدولة المصرية في مجال الآداب لعام 2024.

 

* مختارات من شعره :

=============

قصيدة (غزالة فى مطلع الربيع ) :

فى مطلع الربيع 

 

و الزمان يخلع الزمان

ليرتدى الأشجار..

و الأنهار ..

.. و الألحان 

يصافح الغدران..

.. بالغدران

يلاحق الطيور ..

.. فى سمائها 

.. و ينصب الشراك ..

.. للقلوب

.. فى خمائل الضحى ..

.. و يفتن الحسان 

.. يروح يقرع الكؤوس

يفتح الدنان 

قابلت هذه الغزالة

التى تفيض بالدلال

و الحنان

تفاخر الربيع .. بالورود فى الخدود

و الغصون بالرمان 

سألتها :

ما يفعل الظمآن؟؟

و المال فى يد البخيل ،

و الحصان 

فى أسره ..

و الليل و النهار

يهربان ؟

أمامه و لا مناص 

من خسارة الرهان 

تبسمت كأنمل لؤلؤها المصان 

يريق وعده 

للعاشق الولهان 

حاولت لمسها ،

تمنعت 

و انفلتت 

تبددت 

كأنها سحابة 

و امتلأ الفؤاد 

بالدخان 

هل كان حلم 

ليلة قاحلة

أم لمحة من فرح 

فى غابة الأحزان ؟

٢٠٠٢/٣/١٦ 

*** 

قصيدة ( طائر الغناء السجين ) :

أسلمتنى لهم

أحنيت قامتى أمامهم

جعلتنى دريئة يجربون فوق هامتى نبالهم 

صلبتنى على طريقهم 

فاستنسر البغاث و اعتدى ضعيفهم

يا أيها الرحيم

لو كان ساعدى الذى

يمزقونه يمتد غصن سنديانة إذن أظلهم

لو أن قلبى الذى تدوسه خيولهم

شراع مركب أقلهم و جاز نهرهم 

لو كان عمرى السجين غنوة

توهجت فى يوم عيدهم 

قاتلت طيلة الشتاء فى جبالهم 

دافعت عن ربيعهم

و عندما تمكنوا من القياد

تحسسوا على ظهورنا مكانهم 

و اصفرت الدناءة العجوز فى وجوههم

و صاح واحد

فأقبلت كلابهم

و أشرع الحسام فوق هامتى سيافهم

لو كنت مطلق اليدين 

لو عاد نبض الروح فى الفؤاد

لو بائع الزهور عاد

من ذلك المنفى البعيد

لو أنهم لم يذبحوا النشيد

فى حلقى الجريح

لأورق الضياء فى حديقة المساء

لأزهر الرجاء

و أعلن انتصاره على ثلوجهم

لطار طائر الغناء 

و فر عن بلادهم ٠

 

***

قصيدة ( ملاك البشارة )

( إلى حفيدى أحمد )

 

ملاك صغير 

يوزع انغامه فى حقول القمر

و يودع أنجمه فى شفاه الصغار

و يرقص فى مهرجان الوتر

و يشعل أحلامه فى الليالى

التى تركتنا هنا

فى انتظار ابتسام القدر 

ليقبل هذا الذى خبأته

الغيوب

إلى أن يجلجل بالفرح

صوت المطر

و تأتى البشارة بالضوء

وسط احتباس التنفس 

وسط الهدوء الحذر

و تنشق غيمة هذا الفضاء

المعلق فوق المدى المزدهر

و يقبل ( أحمد )

هذا حفيدى

و تصعد شهقة هذى 

القلوب التى أوشكت تنفطر 

هو الفرح يقبل …

وسط الصراخ المبلل بالدمع

هذا الندى فى الزهر.

و يقبل ( أحمد )…

يبدأ زهو الحياة التى تنتصر

و كل العيون 

معلقة بالوليد الجميل 

كأن الوجود هنا

كله ينتظر …

مجيئك يا أحمد الخير 

حتى يزول الكدر 

وأحمد يبكى و يضحك 

و الكون يبكى و يضحك

تصدح فيه الأغانى 

و يورق فيه الشجر 

و أحمد فينا ربيع .. تفتح ..

حلم تحيط به الأمنيات 

و كل الدعاء 

بطول العمر.

ملاك صغير جديد 

يبعثر ورد ابتساماته 

فى الصباح النضر

و قلبى يرفرف طيرا 

و يخفق يمضى يواصل

وسط الضياء ..السفر

و أحمد ملء القلوب 

المكان.. الزمان 

 

٢٠١٠/١/٢٧ 

 

***

و نختم له بهذه القصيدة الجميلة تحت عنوان ( أغاني الماء ) و التي يقول فيها :

ماء أخضر ..

.. يتدفق فى أشجار بيضاء

شهب و سماء زرقاء

ترقص عاريه

  فوق القمم الشماء .

سحب هاربة ..

.. تطويها الريح ..

و تطعمها ..

للبحر المهتاح 

فيمضغها فى استرخاء 

أفلاك تتصادم 

أفلاك تتناغم 

فوق البشر 

المذهولين الغرباء 

تلك زهور 

الأحلام 

يباغتها الشوق 

فتطلق أجنحة 

يسكنها البرق 

تهدئها الأنداء 

ها هو إنسان …

تتقاذفه الأنحاء

يمشى تحت الأمطار 

يناشد ليلا

مسحورا

أن يتلألأ بالأضواء

يمشى ممتلئا بالأسرار و بالخوف 

يحاصره المجهول 

يغنى فتلاحقه الأصداء

تلك امرأة ..

تتوجع من ألم العشق..

و تدعوه إلى 

((فعل الحب))

و نبذ البغضاء

تصدح فى الأفق 

أناشيد رعاة

يبتهلون إلى 

رب الأمطار الخضراء

أسراب أ ساطير 

تتداعى نحو النبع

اللألاء

المرعى يخضر

و قلب النجم الأشقر 

يستلقى فوق

وسادته السوداء

كون مثقوب 

ألسنة من لهب

يتمادى 

نهر من أيام خرساء 

يتدحرج فى صمت 

بين صخور 

الآمال الغافية 

على وعد الاقدار 

الغامضة الملساء 

……….. 

 

ها هم الاطفال يلتهمون

سعادتهم 

وسط زغاريد قلوب

واجفة

تتساند فى إعياء

أ قواس من فرح 

و جسور من ليل و نهار

أشرعة من صبح 

و مساء

موسيقى صادحة 

فى حوصلة الطائر

تبحر فوق شتاء

تتناثر فى الفوضى

الأشياء

سفن .. من أهواء 

توغل مولعة

بمواجهة

العاصفة الرعناء

كى تلقى أحمال 

أغانيها …

فى قلب البحر 

تراقص أسماك القرش

يحاصرها الموج

ليرتفع نداء

يأتى مرتجا

ليزلزل كل الأرجاء .

يل يا هذا ..

الإنسان العابر 

جسر الاحزان 

و بحر الأنواء ..

لا ينجيك سوى

الحب

يفجر فيك الشوق 

إلى موسيقى 

تغمر كل الأرض

صفاء

تملأ كل شرايين الأشجار 

أغانى الماء

يا هذا الإنسان الخائف 

لا ينجيك سوى قلب 

من صخر

لا قلب

بكاء

يا هذا الإنسان …

المستوحش ..

.. لا ينجيك من الوهم ..

.. سوى حضن ..

..وفاء

يا هذا الانسان 

المغتر بما تحويه خزائنه

كل خزائن 

هذى الدنيا

إلا ما يحمله القلب 

خواء ..

لا ينجيك ..

سوى كف أخيك

و لا يدفىء بردك

إلا الشوق 

و حاذر

ما أكثر ..

ما حولك من أعداء 

كل وجود

لا يسكنه الحب

هباء

كل وجود 

لا يسكنه الحب

شقاء.

 

٢٠٠٠/١/١

 

———–

و في نهاية المطاف لا نمتلك إلا ندعو له بالرحمة و المغفرة ٠٠

رحم الله شاعرنا الأستاذ الناقد المجدد و الإذاعي صاحب الصوت الذهبي في فن الإلقاء الذي أثرى المنابر الشعرية و الساحة الأدبية و الحركة الثقافية في الوطن العربي ٠٠

فسلام عليه في سجل الخالدين ٠

وداعاً حادي الشعر ٠٠!!

إبراهيم أبو سنة - ١٩٣٧ / ٢٠٢٤ م ٠

( البحر موعدنا )

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات .. متابعة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
رجوع
واتس اب
تيليجرام
ماسنجر
فايبر
اتصل الآن
آخر الأخبار