أدبنثر

واخزٌ كرسي الحديقة واخزٌ كوردة     

واخزٌ كرسي الحديقة واخزٌ كوردة H3     

واخزٌ كرسي الحديقة‏ واخزٌ كوردة     
بقلم/ سامرخالد منصور 

من بعدكَ خرساء هي العصافير‏ ..
شاسعٌ كرسينا في الحديقة‏
لم أعد أجلس عليه إلا نادراً‏
تخيفني قضبانه الخشبية‏
الممتدة من جهتكَ‏
إلى ما لانهاية‏
‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏كسككٍ لقطاراتٍ‏
مُعدَّة للهاربين .
دعني أشكو إليك‏ شجرتنا‏
التي كنا نُطيّرُ تحتها‏ فراشات القُبل‏ كل غصنٍ فيها‏ ينغزني حتى‏ أنزف ذكرى‏ ، وكلما سألتها‏ وأنا أقرأ‏ ما نقشناه عليها‏  بعيني‏  بشفتي، بوجنتي‏ أجابتني الريح‏  بلسان كلبٍ‏ لعقت به شَعري‏ .
حجرية ٌ شجرتنا العجوز‏ . أحياناً‏
وحنونة‏ ، لها بشرة ٌ‏ كبشرة جدتي‏ أحياناً أخرى‏
همستْ في أذني ذات مرة‏ أنها ستتبعثر بين يدي‏ كي أعيد ترتيبها‏  كقاربٍ يُقلني إليك‏ قالت أنها‏ ستوحد أوراقها‏ في شراعٍ أخضر‏ وستحول كل عصافيرها‏ إلى نوارس‏ تريني الطريق‏  قالت وقالت كثيراً‏  فهربت منها‏
لذت بكرسينا في الحديقة‏ لم يعد ثابتاً‏ ولم أعد أقوى‏ على النهوض عنه‏ ساعة أشاء‏ .
تدلت من السماء‏ حبال الحنين‏  أضحى الكرسي أرجوحة‏ ليس يرحمني‏ يؤرجحني يزلزلني‏ ويقذفني في سديم الذكريات‏ .
أصرخ وأنا في الهواء‏ وليس في رئتي هواء‏ ليتني أصطدم‏ بحاجز الزمان‏ فأحطمه كما يحطمني
قل لي
لماذا أخذت‏ ظل شجرتنا معك؟!‏ وتركتني أذوب تحتها‏ أين تفرش الظل الآن؟‏
أريد أن اشعر مجدداً‏ بأصابعك تتقد شموعاً‏ على حواف‏ جسدي‏ الذي أضحى رخامياً‏ كشاهدة قبر‏
أنفاسك كلماتك‏  هيا تعال أوقدها .
باردة هي الذكريات‏  واخزٌ كرسي الحديقة‏  واخزٌ كوردة‏ مِقصلة ٌ كرسي الحقيقة‏ !
هجرتني‏ وفيك كُلي‏ ، فسقطت أرضاً‏ انطباقاً على ظلي‏ أحفر الأرض‏
كي أقبرني‏ .
لا أصدق أنك‏ رحلت، هجرت‏ !!
أذبلت في قلبك‏ المحبة والمودة؟!‏
أتذكر همساتنا‏ لمساتنا، رقصنا‏ كنت تقول لي:‏
كقطرة ندى تشفُّ‏
عن صورة الشمس‏
ترقصين‏
كقطرة ندى على‏
ساق زهر الياسمين.‏
تتكدس على قلبي‏
أجنحة الفراش‏
حين تغيبين‏
وتوغل السماء مبتعدة‏
في عتم الفضا
أتذكر كيف كنا‏معاً نمزق الحرب‏ والليل بجناحِ فراشة‏ .
كنت تناديني‏ «يا قمري»‏ وكنت شمسي‏ حَملت نورك‏ وابتعدت‏
لم يبقَ من القمر‏ إلا الحَجر‏ .
ليتك تركت لي‏ ظل الشجرة‏ كفناً بملمس حُلم‏ ليتهم لم يخبروني‏ برحيلك‏ ليتهم قالوا لي‏ كذبة ما‏ ، تستحق السُقيا‏ وتجيد النمو‏ .. ليتك تركت لي‏ ظل الشجرة‏ كي ألوذ به من ظلال‏ أحلامي وآلامي‏ .
عيناي اللتان‏ كنت تحبهما‏  أضحتا كُرتي عتم‏ لفرط ما تشابكت‏ فيهما الظلال آهٍ كم تتشابه الظلال !‏ فلكل الأشياء للعالم أجمع‏ ظلٌّ من ليل‏  ولك ظلٌّ من ضياء‏  مالحةٌ هي السماء‏  ولا أصابع تمسح طعمها‏ عن شفاه عيوني‏  يقولون ذلك الخط الأسود‏ على صورتك‏ ، مائلٌ‏ وأقول مستقيمٌ‏
كعامود صليب‏
مائلٌ عالمي‏ ، محدودبٌ‏ كي يحمله‏ ..
كلما رأيت أحداً يبكي‏ تدحرجت نحوي دموعه‏  أغرقتني.‏
أنا من بعدك‏ صنمٌ من ملح الدمع‏ يعبدهُ الأسى. أبكي وأصرخ‏ بين كفيّ الليل وليس أقسى‏ من أن تبكي أغنياتك‏ التي لم تأت بعد‏ .

واخزٌ كرسي الحديقة واخزٌ كوردة     

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
رجوع
واتس اب
تيليجرام
ماسنجر
فايبر
اتصل الآن
آخر الأخبار