أخبار عالميةأخبار محليه

موازنات: لا قيمة

للفكر دون عمل ولا معنى للعمل دون فكر

موازنات:

لا قيمة للفكر دون عمل
ولا معنى للعمل دون فكر

كتب الدكتور كمال الحجام

موازنات: لا قيمة
وهذا يتوقف وجوبا على فهم الارتباط
بينهما، فكّ هذا الارتباط ثم إعادة بنائه…
إن العمل الفكري الموجه للواقع لتمثّله يقتضي الوعي بدرجة تركيب هذه المهمة التي تقوم على التباس جوهري، فهي في الآن نفسه تتأسس على التجريد والاختزال للعناصر المادية الملحوظة حتى تتحول إلى معاني قابلة للتفكير وإعادة التشكيل من جهة، وهي تعتمد الحفاظ على الخصوصيات الكامنة في العناصر المادية حتى لا يتشتت الفكر فينتهج التعميم وينتج نمذجة عامة قد تلغي مجريات الواقع. وقد يؤدي عدم الوعي بخصوصيات هذا العمل المنهجي إلى إنتاج اللامعنى التربوي الذي يمكن إدراجه في المساخة الفاصلة ما بين التعميم الذي قد يتوافق مع كل زمان ومكان دون أن يكون صالحا للسياق المخصوص المراد تحويله، أو أن يكون شديد الارتباط بالعناصر المادية فلا يستطيع التخلص منها وبالتالي عدم إعطائها المعاني التي تبني البديل.
والمهم في كل هذا أن عملية تحويل التعليم تكون بالضرورة وليدة هذا الصراع بين الفكر والواقع التربوي في متطلباته. وتتطلب للغرض نفسه العمل على فك رموز هذا الإشكال. وتجاوزا لهذا الصراع والنجاح في قيادة التغيير التربوي يمكن التوقف عند هذه المحطات الثلاثة التي قد توفر الضمانة المنهجية للتحويل المنتظر وبلوغ الممكن التربوي التعليمي الجديد:
• فهم الارتباطات الواقعية لمكونات المنظومة التربوية كما تجري في الواقع والتعمق في تحليلها وفهم سنداتها الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية. ويؤدي هذا العمل الفكري تباعا إلى رصد الواقع وتحليل سندانه المخفية التي تكوّن نسيجه الداخلي وتنظم عناصره لتشكل ظهوره بالشكل الجاري به العمل. وتمثل في تقديرنا هذه المرحلة منطلق العمل المنهجي للتحويل الذي يفرض في البداية فهم الواقع في تجلياته وخفاياه المختلفة.
• فكّ الارتباط مع هذا الواقع المرصود بتحويل الظواهر التربوية إلى وقائع فكرية تسمح بإنتاج المعني وبناء النموذج الذي يأخذ بعين الاعتبار أصول الواقع وتمثلها في حقيقتها حتى يتيسر الفهم الموضوعي لها. ولا يعدو أن يكون هذا العمل الفكري في تقديرنا تمثّلا ذهنيا للواقع ولكيفية اشتغاله، والاستعداد الافضل للتفاعل معه. وهو النشاط الذي يعني تسليط المجهود الفكري المنظم وتوجيهه لغاية عملية. وفي هذا يتعلق الأمر بمحاولة حصر الواقع المعقد والمركب لدراسته عبر رصد مكوناته وتحديد العوامل المفسرة لمتغيراته، وهو التمشي العلمي الذي يمكّن من فهم الوقائع التربوية المركبة والمعقدة وترتيبها عبر بناء فكري يسمح بإعادة إنتاج واقع تربوي افتراضي مدمج للواقع المرصود.
• إعادة بناء الارتباطات الجديدة بين الواقع والنموذج الفكري التربوي المحدد بالمتغيرات التي تم الانطلاق منها. إن بناء هذه الارتباطات ييسّر بلوغ الممكن التربوي في صورته الفكرية الواقعية، فإذا كنا نجد صعوبة في السيطرة على الواقع كما يجري والتدخل المباشر والحيني في إجراءاته، فإننا نستطيع التحكّم في الأفكار التي نبنيها حول الواقع، فالتفكير الإيجابي يؤدّي إلى الفعل الإيجابي ويساهم في تحقيق النتائج الإيجابية، فلا معنى للفكر دون عمل ولا قيمة للعمل دون فكر. ووفق هذا الطرح قد تتوفّر الضمانات المنهجية المؤدية إلى النجاح في عملية التحويل.
د/ كمال الحجام
الأربعاء 4 جويلية 2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
رجوع
واتس اب
تيليجرام
ماسنجر
فايبر
اتصل الآن
آخر الأخبار