أشعار وقصائد

مصارحة

مصارحة 

بقلم د. آمال بوحرب

متابعة: محمود عبده الشريف

نائب مدير موقع جريدة مصر اليوم نيوز

 

 

 

إن أكثر الأمور صعوبة وقسوة بالنسبة لي هي فقدان القدرة على تحديد مشاعري هل أشعر بالفرح أم بالحزن؟ 

وقبل نشر هذه الكلمات فكرت هل هذه فكرة صائبة ان أشارككم مشاعري أم لا واستقر بي الحال انها خطوة شجاعة 

لأعبر على أن عيش حالة عدم القدرة على تحديد المشاعر في ظل جهل الحقيقة، شعور يمس العديد من الكتاب والمفكرين والشعراء في عالم تتداخل فيه الحقائق والآراء، ويمتزج فيه الأمل باليأس، فيصبح من السهل أن أشعر بالارتباك أحيانًا عندما أكتب أو أفكر، أجد نفسي غارقة في دوامة من الشكوك والقلق وهذا الصراع بين المشاعر المعقدة يمكن أن يكون مصدر إلهام عميق لي، ولهذا أكتب باستمرار ولكنه، في ذات الوقت، يسبب لي انعدام الارتياح النفسي.

 

أدرك أنه من المهم أن أستكشف مشاعري بصدق وأن أخلق لنفسي مساحة للتفكير والتأمل وبذلك، يمكنني فهم تجاربي بشكل أفضل، والتعبير عنها بطريقة تعكس عمق إنسانيتي. وغالبًا ما ينتهي هذا الشعور بكتابة قصيدة أو نص أدبي، ولكن هذا يرهق فكري وقلبي والأصعب من ذلك أنني لا أستطيع تجاوز هذا الإحساس، لأن النضح والتأثر بما يحيط بي يجعلني سجينة تلك الكلمات التي تصاغ يوميًا.

 

كلما حاولت الهروب من مشاعري، وجدت أن الكتابة هي الوسيلة الوحيدة التي أستطيع من خلالها التعبير عن ما يجول في داخلي تلك الكلمات تأتي كمتنفس لي، لكنها في الوقت نفسه تحملني إلى أعماق مشاعري المتضاربة أكتب لأعبر عن الحزن، وأحيانًا أحاول استشراف الفرح من خلال سطور أملؤها بالأحاسيس.

 

ومع مرور الوقت، أكتشف أن هذه الكلمات، رغم ثقلها، أصبحت جزءًا لا يتجزأ من هويتي بين الفلسفة والغربة والكتابة إنها تكشف عن قصتي، عن صراعاتي وأحلامي، لكن للأسف، لا تزال تلك المشاعر تعيد نفسها، وتجعلني أعود إلى نفس الدائرة في كل مرة أجد نفسي محاصرة بين الالتزام بالفن وبين الحاجة إلى التحرر من سطوة هذه العواطف، مما يخلق صراعًا داخليًا يبقيني في حالة من التوتر المستمر. لكن لا أجد السلام بعيدًا عن هذه الكلمات.

بحكم مجال عملي، أحيانًا أتنقل كثيرًا، فيكون السفر والعمل والاستمتاع بالحياة في نظر من يتواصلون معي متعة ولكن بالنسبة لي ليست أهدافًا في حد ذاتها، بل هي وسائل تساعدنا على استكشاف تنوع الحياة وفهمها بشكل أعمق. من خلال السفر، نلتقي بثقافات جديدة، ونتعرف على عادات وتقاليد مختلفة، مما يساهم في توسيع آفاق تفكيرنا. نتعلم من تجارب الآخرين، ونجمع لحظات وآثارًا فكرية تظل راسخة في ذاكرتنا، تشكل رؤيتنا للعالم أما العمل، فهو ليس مجرد وسيلة لكسب لقمة العيش فقط بل هو تجربة غنية تتيح لنا تطوير مهاراتنا، واكتشاف شغفنا والعمل من أجل تحقيق أهدافنا. ومن خلال تجاربنا العملية، نصادف تحديات وصعوبات تجعلنا نعيد التفكير في مسيرتنا ونؤكد قراراتنا.

 

في النهاية، إن آثار هذه التجارب الفكرية تتراكم لتشكل رؤية واضحة وبناءة عن الحياة وأهدافنا فيها، فتعمل على تعزيز قدرتنا على التكيف والابتكار، وتجعلنا أكثر انفتاحًا على الحياة بكل ما تحمله من جمال وتحديات.

 

كتبت هذه الكلمات رداً على من يرى الكاتب أو الشاعر وكأنه خلق من عالم سرمدي وكأنه خارج الزمن، وربما لشدة الضغط الذي أمر به. أردت أن أقول لكم: أنا أشعر أحيانًا أنني أحتاج إلى نافذة أخرج من خلالها، لكنني في الوقت نفسه متعلقة بذلك العالم الذي أنشأته بنفسي. ولعلي هنا أعود إلى ما قاله “تشيخوف”: “على الكاتب أن يكون شجاعًا بما يكفي للغوص في أعماق نفسه، وأن يكون صريحًا في التعبير عن ما يجده هناك.”

وهذمصارحة أردت مشاركتها معكم لكي يرى القارئ أن الكتابة مأساة من نوع آخر وأن الكاتب يعيش صراعات متداخلة تؤدي به أحيانا إلى العزلة .

مصارحة

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات .. متابعة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
رجوع
واتس اب
تيليجرام
ماسنجر
فايبر
اتصل الآن
آخر الأخبار