محاولات لحركة التصحيح و التصويب اللغوي بقلم السعيد عبد العاطي
السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر ٠
بداية من التوحيد و التقريب بين الفصحى و لهجاتها من الأفراد و المجامع اللغوية ٠٠
وَسِعتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً
وَما ضِقتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ
فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ
وَتَنسيقِ أَسماءٍ لِمُختَرَعاتِ ٠
( قصيدة : اللغة العربية تنعي حظها – شاعر النيل حافظ إبراهيم )
٠٠٠٠٠
عزيزي القارىء الكريم ٠٠
بادىء ذي بدء الحديث عن لغتنا العربية و وعلومها و آدابها ذو شجون و لِمَ لا ٠٠
فقد ميز الله عز وجل الإنسان عن سائر المخلوقات باللغة و علم آدم عليه السلام الأسماء كلها كما علم سليمان عليه السلام منطق الطير ٠٠
و عندما أتجول بين ظلال لغتنا الشاعرة لغة الضاد لغة القرآن اللغة لغة الإعراب الجميلة حيث خصائصها و مميزاتها التي كل يوم نمسك بجواهرها و لا سيما معاجم اللغة التي استوعبت مفرداتها قديما و حديثا و لا سيما المسميات للمخترعات الحديثة و المعاصرة ٠٠
و مما لا شك فيه و لا جدال قد أفاض علماء اللغة و أهل الكلام في ماهية اللغة هوية و استخداما و توظيفها نطقا و كتابة ٠٠
و الحمد لله درسنا اللغة العربية من منطلق علم اللسانيات العربية مع الاحتكاك باللغات الأخرى و مدى التأثير شكلا و مضمونا و عملية الأخذ و العطاء و الدخيل في إطار نظريات اللغة و معاملها الحديثة ٠٠
و المحاولات نحو تفصيح العامية في الوطن العربي كما هو مدون في المعاجم ، نعم إنها جهود ضخم لحركة التصحيح والتقريب اللغوي لرسم صورة واضحة عن تبديل اللفظ العربي الفصيح على لسان المتكلم من العامية ٠٠
بغية الارتفاع بلغة العامة إلى اللغة الفصيحة ٠٠
و التركيز على وسائل الإعلام و الصحافة و الفن و لغة الشارع و لهجات البلدان في الوطن العربي لفهم و إدراك مقاصد ووظيفة اللغة في الخطاب و الاتصال و التفاهم في حلقات الحوار للواقع اليومي المعاش ٠٠
و من ثم نلمح التغيرات التي تحدث في العربية و لهجاتها من أدوار أولها في الفصحى و تُلحق في اللهجات الحديثة ٠٠
و الهدف من وراء كل هذا هو التوحيد و التقريب بين الفصحى و لهجاتها من الأفراد و المجامع اللغوية ٠٠
و جاء في بعض جلسات المجامع العربية :
” إن لغة التخاطب الآن عربية و لكنها ابتليت بعلل يرجى برؤها منها و عودها إلى تمام صحتها للمعالجة شيئا فشيئا ” ٠
و تناولت كثير من بحوث ودراسات معاصرة إضافة إلى الجهود السابقة للقدامى في ثنائية تفاعلية بنائية منذ عصر بن جني و ظاهرة تفشي اللحن مع دخول قوميات غير عربية في الإسلام و الفتوحات و الاحتكاك التجاري و الثقافي و التزاوج في شتى مناحي الحياة ٠٠
و في النهاية لا ننكر كل هذه الجهود حتى تتوحد اللهجات العامية لأن الفصحى آخذة بالتغلب عليها على كل حال و التفاهم من خلال المدارس و الصحف و المجلات و سموات القنوات المفتوحة كلها عوامل مباشرة للإتصال و التصحيح المباشر نحو جماليات اللغة الأم ٠٠
و المكتبة العربية تعج ببحوث ودراسات و نظريات لكل من :
حفني ناصف و أمين فكري و فارس الشديقان و البستاني و محمود تيمور و كرد و أنيس إبراهيم و كمال بشر و محمد الخضري و طنطاوي جوهري و مصطفى جواد و حسين نصار و أبو جبل و السامرائي و غيرهم كثيرون ٠
و على أية حال استفاد الجميع من الدراسات اللغوية الحديثة الصوتية و الصرفية و النحوية و الدلالية ٠٠٠ الخ ٠
فالقرآن الكريم مدار الحضارة الإسلامية و محور وجودها فيجب علينا الآن مواصلة حركة الإصلاح و التنقية لما لحق و علق بها على وجهات المحلات التجارية و اللافتات في الشوارع و الاعلانات و المطبوعات المختلفة ووضع ما يعادل و يطابق هذا اللفظة و المفردة في الاستخدام و الاستعمال في سائر الوطن العربي تعويضا عن الدخيل الأجنبي الذي يساهم و يشارك في توسيع هوة اللحن و فساد اللسان و القلم معا ٠
فالفصحى يا صديقى مرآة الشعب العربي فليت الجميع يحاول العودة إلى ظلالها مجدا و اعتزازا بالتراث و الهوية و الشخصية و القومية إلى مهد الجذور الأصيلة ٠٠
و نرى أن جل اللهجات العربية في الوطن العربي مجملها ترجع إلى أصولها العربية ٠
ولذا نجد التعليم و وسائل الاتصال الاجتماعي و الإعلام يساهم في عودة التقريب بين الفصحى و العامية اليوم من جديد في لغة بسيطة وسطية سهلة من خلال المعايشةحتى يستقيم لسان الأمة بقدر التقويم و بيان الأجنبي الدخيل منها لاستبدال لفظ عربي فصيح به وعودة المثقف العربي إلى دوحة اللغة العربية دائما ٠
رحم الله شاعر النيل حافظ بك إبراهيم حيث كتب قصيدته الخالدة بعنوان ( اللغة العربية تنعي حظها ) و منها هذه الأبيات التي يقول فيها:
وَسِعتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً، وَما ضِقتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ
فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ، وَتَنسيقِ أَسماءٍ لِمُختَرَعاتِ
أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ، فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي
فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني، وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ أَساتي
فَلا تَكِلوني لِلزَمانِ فَإِنَّني، أَخافُ عَلَيكُم أَن تَحينَ وَفاتي
أَرى لِرِجالِ الغَربِ عِزّاً وَمَنعَةً، وَكَم عَزَّ أَقوامٌ بِعِزِّ لُغاتِ
أَتَوا أَهلَهُم بِالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً، فَيا لَيتَكُم تَأتونَ بِالكَلِماتِ
أَيُطرِبُكُم مِن جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ، يُنادي بِوَأدي في رَبيعِ حَياتي