لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر

لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 16 سبتمبر 2023
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، ثم أما بعد أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فهي وصية الله للأولين والآخِرين، كما قال تعالى ” ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ” يقول ابن حبان رحمه الله تعالى الواجب على العاقل أن يتحبب إلى الناس بلزوم حسن الخلق، وترك سوء الخلق، لأن الخلق الحسن يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد، وإن الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل.
وقد تكون في الرجل أخلاق كثيرة صالحة كلها، وخلق سيئ، فيفسد الخلق السيئ الأخلاق الصالحة كلها، وقد يتصور بعض الناس أن حسن الخلق محصور في الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة فقط، والحقيقة أن حسن الخلق أوسع من ذلك فهو يعني إضافة إلى الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة، التواضع وعدم التكبر ولين الجانب، ورحمة الصغير وإحترام الكبير ودوام البشر وحسن المصاحبة وسهولة الكلمة وإصلاح ذات البين والتواضع والصبر والحلم والصدق وغير ذلك من الأخلاق الحسنة والأفعال الحميدة التي حث عليها الإسلام ورغب فيها، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وهو يتكلم عن منهج السلف في الأخلاق والسلوك يأمرون بالصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء والرضا بمر القضاء.
ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، وإن الشباب في أصل اللغة هو النماء والقوة، ومرحلة الشباب تبدأ من سن البلوغ إلى سن الأربعين، واستدل البعض بقوله تعالى ” حتي إذا بلغ أربعين سنة” والشباب هم رجال الغد، وثمرات المستقبل، وأمل المجتمع، وثروة الوطن، أما الشابات، فهن الأمهات، فبأيديهن يتخرج العظماء من الرجال والنساء، فمتى صلحن صار مستقبلا زاهرا للعالم كله، فمرحلة الشباب مرحلة القوة والفرصة لذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما لرجل وهو يعظه “اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك” كما أن الشباب في تلك المرحلة سرعان ما يغريهم الشيطان.
ويغويهم إلى الفحشاء لذا عرف الرسول صلى الله عليه وسلم الداء، فوصف لهم دواءين وهما الزواج للمستطيع، والصوم للعاجز كي ينجوا من إبتزاز الشيطان، ففي حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يا معشر الشباب، من إستطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء” رواه الشيخان، فهذا نداء خاص للشباب، ونفهم من الحديث أن وقاية الشباب من الفحشاء لا يمكن إلا بأمرين، الزواج وبه يحصل التحصين، والصوم وبه تسد طرق الشهوة التي تؤدي إلى المعصية، والدين يسر لا يحب التكلف على أحد، وإن الانحراف هو الميل عن الشيء، فالشباب انحرفوا عقديا، وانحرفوا فكريا، وانحرفوا خلقيا لذا نراهم آمنوا بأفكار الكفار، وقلدوا أعمالهم.
وتشبهوا بهم، وصدق الأمين محمد صلى الله عليه وسلم حيث يقول فيما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه “لتتبعن سنن الذين من قبلكم، شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم” قلنا يا رسول الله، آليهود والنصارى؟ قال “فمن؟” رواه الشيخان، وفي رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها، شبرا بشبر، وذراعا بذراع” فقيل يا رسول الله، كفارس والروم؟ فقال “ومن الناس إلا أولئك؟” رواه البخاري.