كيف تسير سفينة الحياة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 2 نوفمبر 2024
إن الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه وتعالى على امتنانه، ونشهد بأنه لا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وأن محمدا عبده ورسوله داع لرضوانه، وصلّ اللهم عليه وعلى آله وخلانه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد، إن من أعظم الأمانات هي الأمانة التي أنيطت بالرئيس أو صاحب العمل ويتمثل ذلك في حسن المعاملة مع من هم تحت إمرته وسلطته ومن هم تحت ولايته وكفالته ومن هم خدم عنده أو يعملون لديه وليتقي الله تعالى في العدل بينهم دون محاباة لأحد دون الآخر، فالمؤمنون اخوة ولا فرق بين أحد منهم إلا بالتقوى والعمل الصالح والإخلاص في عمله، فيجب على المسؤول أن لا يمنع هذا من ترقية أو مكافئة أو دورة تدريبية، أو إجازة إستحقاقية بدافع الإضرار والتفريط في الأمانة، ويحرم على صاحب العمل أن يؤخر رواتب العمال عن موعد استحقاقها.
حيث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” اعطوا الأجير أجره قبل أن يجغ عرقة” فيحرم بخس الناس حقوقهم من أجل خلافات يمكن أن تزول وتذهب وتضمحل، فالإنسان لا ينتقم لنفسه، بقدر ما ينتقم ويتمعر وجهه إذ انتهكت محارم الله، أو أخل موظف بعمله وقبل أن ينشأ الخلاف يجب أن يوجه المخطئ، فربما كانت هناك شبهة أو أمرا فهم خطا وبالتالي يمكن أن نتجاوز تلك العقبة، لا سيما بالكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة والتوجيه السليم وعدم التوبيخ أو السرعة في إتخاذ القرارات مما قد ينتج عنه نتيجة عكسية غير متوقعة من ظلم وتعسف وسوء فهم، ثم يصب كل ذلك في قالب التفريط في الأمانة، وإن مما يتعلق بأمانة المسؤول، هو أمانة تولية المسؤولية لمن هو أهل لها من أهل الخير والصلاح والاستقامة ومن الناس المشهود لهم بحسن السيرة والإخلاص في العمل.
حتى تتهيأ فرص الإنتاج المثلى التي يستفيد منها الفرد والمجتمع، وليحذر المسؤول أن يولي زمام الأمور لمن ليس بأهل لها إما محاباة لأحد، أو لأجل حصول منفعة دنيوية ما تلبث أن تزول ثم يقاسي أتعابها وآلامها، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام ” ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لم يجهد لهم وينصح لهم إلا لم يدخل معهم الجنة ” وقال صلى الله عليه وسلم ” من غشنا فليس منا ” فتلك الأعمال من خيانة المسلمين وهي من صفات اليهود والنصارى الحاقدين وليست والله من الإسلام في شيء، فالإسلام دين النزاهة والأمانة، حيث قال الله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ” فأمانة المسؤول أمانة عظيمة، لإختيار الأصلح لكل عمل دون مراعاة لأحد ولا محاباة لفرد من الأفراد ودون تقدير لشعور قريب أو صديق، فلن يجادل عن المفرط أحد يوم القيامة.
بل سيقاسي ألوان العذاب بسبب تفريطه في الأمانة وتضييعه لها، وسيكون جلساؤه خصماؤه وشهداء عليه ، وفي الحديث الشريف ” أيما رجل استعمل رجلا، يعني أمره وولاه على عشرة أنفس علم أن في العشرة أفضل ممن استعمل، فقد غش الله ورسوله، وغش جماعة المسلمين ” والمتأمل في هذا الزمن والناظر في واقع المسلمين اليوم، يجد أن كثيرا من الأعمال يتولاها أناس لا يصلون كفرة فجرة، لا يخافون الله تعالي ولا يهابونه، فكيف تسير سفينة الحياة مع تلك الفئة من الناس، فقد روى الإمام الحاكم من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمّر عليهم أحدا محاباة، فعليه لعنة الله، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا، حتى يدخله جهنم “
تابعنا على جوجل نيوز