كونشـــيرتو ســــــــعادة الأحـــــــزان
كان دوي صيحات الإعجاب والضحكات العالية الصافيه تملأ قاعة السيرك
والبلياتشو الشهير ينظر إلى الأطفال وضحكاتهم الجميلة التي تضيف إلى سعادته الكثير من الرضا
وقف البلياتشو يحيي الجماهير الغفيرة
ويرفع يديه في حركات تزيد من سعادتهم
ويطلبون منه ألا ينتهي عرضه بسرعه
وحين كان يتجاوز باب الكواليس كان الرضا يملأ نفسه.
يشعر بالفخر لما يقدمه إلى الأطفال وكل رواد السيرك طوال خمسة عشر عاماً مضت
خلف الكواليس كان ينتظره ابنه والدموع تملأ عيناه البريئتان
تسمرت قدميه وعرف ماذا أتى به ابنه
من المؤكد أن زوجته المريضة قد حدث لها مكروه
شاركته رحلة عمره بلا كلل عبرت معه لحظات الشدة بكل صبر
وشاطرته رغد العيش أحياناً حين كانت الحياة تتصالح معه
في السرادق المقام لتلقي العزاء
جاءه زملاء السيرك يواسونه ويشدون من أزره.
إنتابته في أيام كثيرة عدم الرغبه في الحياة
في لحظه حزن قرر البلياتشو الكبير الإعتزال
حاول الكثير من أصدقائه إثنائه عن رغبته تلك ولكنه رفض أن يعود
وفي يوم من الأيام قرر أن يزور السيرك
ولكنه قرر يجلس في مقاعد الجمهور هذه المره
ارتدي بدلته الأنيقة وجلس في الصفوف الأماميه وبدأ العرض
كان زميلاً له يقوم بالكثير من الحركات الساخرة
يعلو معها ضحكات الأطفال بشدة
ماهذه الحركات إنها لم تدخل السرور إلى نفسه أبداً
تبدو حركات البلياتشو غير مثيرة لأي شئ داخله
تعجب كثيراً حين رأى ضحكات الأطفال وسعادتهم بها
سأل نفسه لما لايسعد بها وهو من كان يسعد الآلاف من قبل
هل زميله الذي يعرفه جيداً سعيد بحياته
وينتقل شعوره إلى المتفرجين فيسعدون
لا لا فهو يعرفه جيداً ولما لا وهو من كان يسعد الأطفال والكبار
وحياته دوماً تتأرجح بين الأحزان ولحظات الشده
حين فكر ملياً وجد أن السعادة التي يشعر بها الأطفال من حركاته
ماهي إلا لحظات سعادة حقيقية وأن الأحزان ماهي إلا الوجه الآخر للحياة
فأنت كي تسعد امنح السعادة لمن حولك
من قلب الأحزان تولد لحظات السعادة بكل رونقها
إن الإبتسامة التي تولد على الشفاه ماهي إلا رغبة في الحياة
إنك حين تبتسم رغم كل مايعتريك من شدائد وأحزان فانت بلا شك ترغب بالحياة.
وشعر البلياتشو بأن دوره في الحياة يعادل إبتسامة طفل يضحك ملء فمه
حين كانت صيحات الاطفال تملأ قاعة السيرك
كان البلياتشو يقف يصفق إعجاباً بالعرض وعينيه تمتلئ بالدموع.
في اليوم التالي كانت قاعه السيرك ممتلئة بمعجبيه
وهو من يقوم بالعرض من جديد
بقلم / محسن الواثق