
كن بالطريق الصحيح..
فاطمة_عبد_العزيز
إن العقل منحة إلهية أيد الله بها الإنسان وامتن عليه بها، وهو الذي يميز الإنسان عن الجماد والحيوان، وبه كلف الله الإنسان، فالمكلف هو البالغ العاقل، وبالعقل يميز الإنسان بين الخير والشر وبين الهدى والضلالة.
ولقد أنزل الله الكتب، وأرسل الرسل لهداية الإنسان وإرشاده لمنهج الحق والخير، وجعل في الإنسان قوة ذاتية واعية مدركة يمكن أن يستخدمها في تزكية النفس وتطهيرها، وتنمية استعداد الخير فيها وتغليبه على استعداد الشر، فيفلح الإنسان بهذا، وقد يظلم هذه القوة ويغطيها ويضعفها فيخيب، قال تعالى: “قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا” (الشمس : 9 ـ 10).
ويقوم الإنسان بالأعمال وفقاً لإرادته الحرة واختياره ورضاه، فالإنسان كائن عاقل مدرك مفكر، ويتميز عن غيره من المخلوقات بحرية الاختيار، قال تعالى: “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء” (الحج : 18).
وقد نطق القرآن الكريم، بإسناد الفعل إلى العبد في الكثير من آياته، مثل قوله تعالى: “جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” (الأحقاف : 14). قال تعالى: “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ” (فصلت : 46). وقال تعالى: ” كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ” (المدثر : 38).
وأثبت القرآن للعبد في غير ما آية منه في المشيئة الاختيار، فقال تعالى: “إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا” (الإنسان : 3)، إن الإنسان حر، لقد زوده الله بالعقل والإرادة، يختار ما يراه من حق أو باطل، ويفعل ما يروق له من خير أو شر، فهو مزود بوسائل الإدراك، يدرك ما في الأشياء من قيم ويحكم عليها ويختار، وهو بالخيار أن يسلك طريق الحق والخير فيكون شاكراً، أو يعوج في طريقه فيجنح نحو الشر والباطل، فيكون كفوراً.
ذلك لو لم يكن الإنسان مختاراً، لما كان ثمة فرق بين المحسن والمسيء، إذ أن كلاً منهما مجبر على ما قاله، ولبطل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا فائدة لهما، حيث أن الإنسان مسلوب الإرادة، ولما كان ثمة معنى لتكليف الله للعباد، لأن تكليفه إياهم مع سلب اختيارهم يتنافى مع العدل الإلهي الذي أثبته لنفسه، بل لو كان الإنسان مجبراً على أفعاله، لضاعت فائدة القوانين، ولبطل معنى الجزاء من الثواب والعقاب.
بالنهاية فمن اللائق بالإنسان العاقل أن يكون في حياته على الصواب لا على الخطأ.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» [رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني].
حيث انه لا يخلو من الخطيئة إنسان، لما جبل عليه هذا النوع من الضعف، وعدم الانقياد لمولاه، في فعل ما إليه دعاه، وترك ما عنه نهاه، ولكنه تعالى بلطفه فتح باب التوبة لعباده، وأخبر أنه خير الخطائين التوابون، المكثرون للتوبة على قدر كثرة الخطأ.
كتب/فاطمة عبد العزيز محمد