مقالات

قصة /الحاجة دافع للوعي

جريدة مصر اليوم نيوز

قصة /الحاجة دافع للوعي

بقلم ربيع عبد الحكم

في إحدى القرى الريفية بمنتصف القرن التاسع عشر كانت تقطن أسره مكونة من أب وأم وثلاثة من الأبناء اثنان من الفتيات وصبي واحد وتشاء الأقدار في موسم القطن وأثناء جمع المحصول تأتي للأم طلقات الولادة وتنجب صبيا أسمته كامل وهو ماتدور حوله أحداث القصة فرحة الأم والأب به واستبشروا به خيراً وكانت الظروف في تلك الفترة غير مؤهله لتعليم أولادهم مثلهم مثل غيرهم من أبناء طبقتهم إلا انهم ادخلوه الكتاب مثل باقي ابناء قريته وفي الكتاب برز نبوغة كامل وبراعتة وتفوقه على من في سنه وهذا مادفع ألأب في الأصرار على إلحاقه المدرسه وبالفعل قام بإلحاقه بالمدرسه مما ترتب عليه إصابتهم ببعض من المعاناه الماديه إلى ان لُحق بالمجانيه والتي كانت تمنح للأوائل والمتفوقين آنذاك والتي من المؤكد انها رفعت عبئ عن كاهل ألأب ومع الأنتقال من صف لصف يزدهر كامل ويبرز ببن زملائه بذكاؤه وفطنته إلتي تسبق مرحلته العمري مما جعل نظرات الأعجاب أن تلاحقه من مدرسيه ومع مرور الوقت توسع عقل وفكر كامل واتجه ناحية شئ واحد وهو الحاله الصحيه والتعليمية بالريف واصبحت الفكر تكبر برأسه مع مراحله العمريه المختلفة ولكن يشاء القدر أن يزيد من إصرار كامل على ما في رأسه فتوفى أخيه بمرض البلهارسيا والتي كان منتشر أنذاك مما زاد من اصرار كامل على محاربة المرض والسعي نحو كلية الطب والتي لاتمنح بالمجان ولظروفهم الخاصة ونبوغة الطالب وحب بلدة به تكفل اهل بلدته بإكمال مشواره التعليمي الى أن يصير طبيبا وتمت المعجزه والتحق كامل بالطب وبما أن الزمن لايتوقف بدائت السنوات في المضي واحده تلو الأخر مما ترتب على أثره أظهار نبوغة كامل وتوسعة أفقه بمادته العلميه والذي كان سبباً رئيسياً في أن يمنح منحة بأرساله إلى فرنسا لأكمال مشواره التعليمي والذي من وجهة نظره أنه إنساني في المقام الاول والاخير.

بعد أن سافر كامل إلى فرنسا وجد عالماً مختلفا تماماً عما نشئ به بل مختلف عن المناخ العام السائد في بلاده آنذاك من حيث العلم والفكر والتفتح العقلي والتطور التقني كل هذا حفز عقل كامل لإثارة التساؤلات عن السبب والنتيجة وبعد زوال الأنبهار والتشبع مما شاهده والتعود على أجواء فرنسا إنشغل كامل إنشغال كُلي بدراسته ولكن أمامه سيناريو وحيد وهو بلده وأهلها ومستوى المجال الصحي بها والذي كان دائماً يدخله بمقارنة ما يعاصره الآن مما زاد من إلحاح عقل كامل على الإطلاع والتزود واقتباس أكبر قدرا من المعلومة من مكتبة الجامعة وأساتذته فأصبح يتنقل بين طيات الكتب وما تطويه الصفحات رغبة منه بأحداث نهضة طبية ببلاده وهنا عَلم كامل أن البحث والتجارب هي من تقوده لذلك وليس التلقين من أساتذته فبداء مشواره العملي داخل حقل كليته وبأشراف وتوجيه أحد اساتذته ممن احبوه والذي كان يرى بكامل حب وانتماء لبلده الأم ورغبه حقيقه نحو الأفضل وهنا أعطى هذا الأستاذ عصارة علمه وعقله لكامل مما زاد من إستغراب كامل وخاصة أن كامل بسبب تفوقه ونبوغه كرهه البعض من أبناء فرنسا فوجه لهذا الأستاذ سؤالأً لماذا أناا بالذات من ضمن الحاضرين وتحديداً عن بقية زملائي والذين ينتمون لبلدكم فتبسم الأستاذ قائلاً رأيت منك مالم أراه بهم قال له كامل وماهو قال له الأستاذ قراءت في عينيك انك فهمت رسالة الطب الحقيقه وانك تريد توصيل ماتعلمته إلى بلادك لمحاربه الجهل والمرض والنهوض بالحاله الصحيه العامه لمجتمعك وهنا قص كامل حكايته على استاذه فتبسم مرة اخرى وقال له ياكامل ألا تقولون في بلادكم أن الجزاء من جنس العمل قال له نعم قال له أهل بلدك ساعدوك دون إنتظار مقابل و فائده وانت ستساعدهم دون إنتظار مقابل او عائد صحيح فقال له نعم قال الأستاذ إحرص على أن تجعل من طلبك للعلم مُتعه وهنا ستفوز بالأجابات فعمل كامل بنصيحة استاذه ولم يتشبع ابداً بمايقراء بل أصابته حاله من شراهة الجوع للعلم في تزايد بأستمرار إلى أن انهى دراسته وقرر العوده لبلاده الأم حاملاً من الأحلام والخير الكثير لبلده.

بعد عودة كامل إلى بلده واستقبال أهل بلدته له بالمزمار والتهليل فرحة من القلب بأبن بلدهم والذي كان في هذا الوقت حدث عظيم لا يحدث بكل البلاد ذهب إلى بيته ليستريح ويأنس بأبيه وأمه وإخوته وكانت الأوضاع تغيرت فأصبح لدي أختيه أولادا في سن الصبا وبدا على أبيه وأمه الكبر وفي المساء أتى أهل البلد ليتسامروا معه ويقص عليهم مارآه وما تعلمه في بلاد الغرب فقص عليهم بعض من ثقافتهم وحضارتهم ومدى التطور لديهم دون الخوض في تفاصيل وهنا أتى ما يخشاه كامل ماذا تنوي أن تفعل يا دكتور كامل فسكت قليلاً وقال سأعمل بالمستشفيات العامه لأنه يعلم أنه ليس هناك فرصة أخرى ولا رأس مال لأنشاء عيادته الخاصة فباركوا له متمنين التوفيق وبعد يومين من الراحه قرر كامل الذهاب إلى مستشفى المدينة والتي سيعمل بها واثناء سيره بالقرية وجد إمراأه على قارعة الطريق تنزع ثياب إبنها الصغير وتُسبحه بماء الترعه وعندما سئلها عن هذا الفعل فأجابة أن إبنها مصاب بِحب النيل والتسبيح في ماء الترعة هو الحل وهنا تذكر كامل اخاة وسبب وفاته ببلهارسيا الترعه فنصحها بعدم تكرار ذالك واستمر بسيره إلى أن مر على حلاق ووجده يشق خراجا لأحد الرجال بشفرة موس يبدو عليها الصدى وهنا تدخل ايضاً وقال له إن مثل هذا الفعل يؤذي صاحب المريض وشدد عليه بعدم تكرار ذالك وغيرها من المشاهد المعروفة في تلك الفتره الزمنيه وهنا عرف كامل أن الجهل مستشرب ببلده ويلزم محاربته تغيير عادات وتقاليد باليه وبعد أن تم إستلام كامل لعمله بمستشفى المدينة وجد الكثير من الأنماط السلوكية الخاطئه التي تمارس ضد المرضى خلافاً لما رأى في فرنسا والتي ادخلته في مناوشات كثيرة مع زملائه من الأطباء وباقي الطاقم الطبي وإدارة المستشفي رغبة منه في تطبيق ما تعلمه وما يسكن بداخله من انسانيه مفرطه.

وبعد حدوث المناوشات وغيرها من المشاكل كرر كامل أن يساعد بقدر استطاعته داخل المستشفى وخارجه مما زاد من تحمله عبء ثقيل عليه بحيث صار يساعد كل من يعرف أنه مريض سواء كان يعرفه أو لا فبداء ببث وعي الوقاية خير من العلاج وتجنب استعمال الترع والمستنقعات والتي السبب في الأوبئة إلى أن ذاع صيت شهرته الإنسانية في محيطه وأطلقوا عليه اسم طبيب تحت الطلب من كثرة حبه لمداواة الناس وتواضعه معهم وروحه المرحة مع الأطفال فكان بالفعل لا يتأخر على أحد بعيد أو قريب مما جعل كلمته مسموعة لدى الجميع حينما يقول أمر ينفذ بالطاعة فأصبحت طاعتهم له عمياء وبدئ رحلته مع المرض والجهل بعد أن وثقوا به وبأفعاله على أرض الواقع وهنا حث اهل بلدته على تعليم اولادهم وان من لايستطيع هو متكفل به كما فعلوا معه سابقاً وأن هذا ليس منحه او هبة منه بل واجبه نحوهم والذي لايستحق شكر او ثناء عليه لأنه يعلم ان لولا وجودهم لما صار ما هو عليه الآن فأصبحت بلدته طواعية بين يديه ينهض بها وبأهلها إلى أن وصل الحال انه ايقونة هذه البلده مما جعل من حوله من البلدان الأستعانه به وبتجربته بعد تطويعها وملاءمتها لظروف البلدان الآخرى وهنا تيقن كامل انه لا يوجد مستحيل بل يوجد ماهو ممكنا للوصول الى غير الممكن بأدوات الصبر والكفاح والمواصلة على التزود واتمامه بالعمل الدؤب وان الطب والعلم رسالة ترتقى بالمجتمع والبشريه على حد سواء فعاش محارباً للجهل والمرض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
رجوع
واتس اب
تيليجرام
ماسنجر
فايبر
اتصل الآن
آخر الأخبار

أنت تستخدم إضافة Adblock

يجب عليك ايقافها لكي يظهر لك المحتوي