عليكم بإحدى الحسنيين إما نصر وإما شهادة
عليكم بإحدى الحسنيين إما نصر وإما شهادة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله المحمود بجميع المحامد تعظيما وثناء المتصف بصفات الكمال عزة وكبرياء، الحمد لله الواحد بلا شريك القوي بلا نصير العزيز بلا ظهير الذي رفع منازل الشهداء في دار البقاء وحث عباده على البذل والفداء أحمده سبحانه حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه فهو الأول والآخر والظاهر والباطن ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأئمة الكرام النجباء وسلم تسليما كثيرا أما بعد في شهر جمادى الأولى من السنة الثامنة من الهجرة النبوية الشريفة المباركة حدث حدث عظيم، وقامت حرب دامية وهي أعظم حرب يخوضها المسلمون في حياة النبي المصطفي صلي الله عليه وسلم وكانت مؤشر البدء لفتح بلدان النصارى، فإنها أكبر لقاء مثخن يدخله عسكر المسلمين منذ قام الجهاد في سبيل الله تعالي.
وقد بعث النبي صلي الله عليه وسلم الصحابي الحارث بن عمير الأزدي رضي الله عنه بكتابه إلى عظيم بُصرى، فعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني، وكان عاملا على البلقاء من أرض الشام من قبل القيصر، فأوثقه رباطا، ثم قدمه، فضرب عنقه، وكان قتل السفراء والرسل من أشنع الجرائم، بل هو يزيد على إعلان العداء والحرب، فاشتد ذلك على رسول الله صلي الله عليه وسلم حين نقلت إليه الأخبار، فجهز جيشا قوامه ثلاثة آلاف مقاتل، كأكبر جيش إسلامي لم يجتمع من ذي قبل إلا ما كان من غزوة الأحزاب، فإنها معركة مؤتة وهي قرية من قرى الشام بينها وبين بيت المقدس مرحلتان، وقد أمرّ رسول الله صلي الله عليه وسلم على هذا الجيش الصحابي الجليل زيد بن حارثة، وقال صلي الله عليه وسلم “إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة”
وعقد لهم لواء أبيض ودفعه إلى زيد بن حارثة، وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير، وأن يدعوا من هناك إلى الإسلام، فإن أجابوا وإلا إستعانوا بالله عليهم وقاتلوهم، وقال صلي الله عليه وسلم لهم “اغزوا بسم الله في سبيل الله من كفر بالله، ولا تغدروا، ولا تغيروا، ولا تقتلوا وليدا ولا امرأة، ولا كبيرا فانيا، ولا منعزلا بصومعة، ولا تقطعوا نخلا ولا شجرة، ولا تهدموا بناء” ولما تهيأ الجيش للخروج حضر الناس، وودعوا أمراء رسول الله صلي الله عليه وسلم وسلموا عليهم، وحينئذ بكى عبد الله بن رواحة فقالوا ما يبكيك؟ فقال أما والله ما بي حب الدنيا، ولا صبابة بكم، ولكني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار، ” وإن منكم إلا واردها كان علي ربك حتما مقضيا ” فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود، فقال المسلمون صحبكم الله بالسلامة.
ودفع عنكم، وردكم إلينا صالحين غانمين، وتحرك الجيش في إتجاه الشام حتى نزل بأرض معان من أرض الشام مما يلي الحجاز، عندها نقلت إليهم الأخبار بأن هرقل نازل بأرض ماب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم، وإنضم إليهم من لخم وجذام وبلقين وبهراء وبلي مائة ألف، حينها وقف المسلمون دهشين، لم يكن في حسابهم لقاء مثل هذا الجيش العرمرم الذي لقوه بغتة في أرض غريبة بعيدة، وهل يهجم جيش صغير قوامه ثلاثة آلاف مقاتل، على جيش كبير كالبحر الخضم قوامه مائتا ألف مقاتل، بعددهم وعتادهم، وحار المسلمون وأقاموا في معان ليلتين يفكرون في أمرهم، وينظرون ويتشاورون، ثم قالوا نكتب إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فنخبره بعدد العدو، فإما أن يمدنا بالرجال، وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له، ولكن عبد الله بن رواحة عارض هذا الرأيز
وقال قولة حق ستبقى على مدى التاريخ درسا بليغا لأهل الحق الذين يحملون رايته، ويدافعون عن حياضه، وستبقى ما بقي الدهر حجرا في أفواه الجبناء أهل الخور والضعف والدعة من أحفاد أبي بن خلف، وأذنابه، قال ابن رواحة ” يا قوم والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون الشهادة وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا، فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور وإما شهادة”
تابعنا على جوجل نيوز