سيدتي عليكِ أن تقفي لحظة صدق مع نفسك فالنفس هي المرآة التي تخفين ورائها كل الشعور وكل الحب والحقد والكره فالشعور حين ينمو لا يكون حميداً دائماً ، بل يتمدد أحياناً بشكل سرطاني يقضي على صاحبه فينفجر ، وإن لم يحقق له الحب ما يريد ينقلب لكره لا يمكن السيطرة عليه ولا توجيهه ، يأخذ في طريقه كل شيء ، حتى أنتِ ستتلاشين بسببه.
ليس صحيحاً ما يقال أن من يحب من قلبه لا يكره ، الحب أنماط ، مشاعر ، رغبات وجنون ، في الكثير من الأحيان لا يعطينا الحب ما كنا نرجوه منه ، الأحلام كثيرة سيدتي عندما نفكر بعواطفنا ، تخيلي لو أن هذا الحب هو الأمل والرجاء الوحيد في حياتنا ، تخيلي حين ينهار ، ما تكون عليه ردة فعل تلك المشاعر في أنفسنا ، لا شك أنكِ تقولين : إنها كارثية ، وهي بالفعل كارثية ، سواء كبتنها في تلك اللحظة أو تركناها تنفجر في الاتجاه المعاكس ، فإن انفجرت في داخلنا دمرتنا ، وإن انفجرت بالكره والحقد ، دمرت كل شيء جميل حولنا لتتركنا نعيش في عالم بلا لون ولا طعم ولا رائحة .
سيده أتودين أن تصرخي في وجهي أم تودين أن يكون صراخك انتقام يمسح كل شيء ويتركنا بلا ذكريات فالكره يمسح الذكريات التي تبقى معنا بعد الحب ، الذكريات التي تومض في صدورنا بين وقت ووقت وتخبرنا أننا كنا أحياء بسبب عواطفنا ، تلك اللحظات هي التي تعطينا الأمل في الحياة ، رغم معرفتنا أن كل شيء قد أنتهى منذ زمن طويل ، إلا أن الذكريات لا تذهب ، إلا إذا مسحناها بما هو سيء ، فتعود إلينا مشوهة لا تحمل معها لذة ولا ألم يعصر مشاعرنا .
نعم سيدتي أنا احمل من الذكريات الكثير ، لكن الكثير الذي أحمله لم يعد كما كان ، بل تشوه فبعض الكلمات تقف بين الذكرى الجميلة والنفس لتمنعها أن تشرق في صدري المظلم ، يقتلني هذا الشعور ألف مرة وأنا اعترف أن صدري بات ضعيفاً أمام الذكريات ، لم يعد يقرأها بالشكل الذي اعرفه ، يقرأها معوجة ويدخل في طياتها الكثير من الحقد والكره الذي عرفته .
أعرف أن الوجوه التي اراها لا تحمل وجهك ولن تحمله ، وأعرف أن المواقف لن تتكرر ، بل تسكن في الذاكرة كصور تمر بنا في لمحات لكنها صور أصبحت صامته لا تذكرني بلمسةِ يدك ولا بقربك ، فقط صور سيدتي لا روح فيها ولا ثورة، ألم ونفس تلعنني لأني من زرع تلك الصور وكدسها ، تلعنني لأنها لا تستطيع أن تمحوها ولأنها تجلب الأسى ، ليس الموت جفاف الجسد سيدتي بل الموت هو جفاف الروح .