دنيا ودين
صور الإفساد في الأرض

بقلم / محمـــد الدكـــروري
صور الإفساد في الأرض
إنه بعيدا عن التصورات الملائكية عن مجتمع الصحابة،
يمكن رصد حياة طبيعية لمجموعة بشرية تتفاعل وتتعاون
وتتباغض وتشكل مصالح خاصة وتكتنفها مخاوف متبادلة،
ولم تكن علاقة مجموعة المهاجرين الآخذة في النمو
بزعامة النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم مع أهل
يثرب الأنصار تسير بإيجابية دائما،
بل كانت هناك صورة أخرى من الخلافات، وبدأ هذا الوضع
مع النبي صلي الله عليه وسلم ذاته الذي لم يكن يأمن
جانب الأنصار في بداية نزوله في مدينتهم، فسبحان الله العظيم،
من للعباد غيره يدبر الأمر ومن يعدل المائل من يشفى المريض
ومن يرعى الجنين فى بطون الحوامل من يحمى العباد وهم نيام
وهل لحمايته بدائل من يرزق العباد ولولا حلمه لأكلوا
من المزابل من ينصر المظلوم ولولا عدله لسووا بين القتيل
والقاتل ومن يظهر الحق ولولا لطفه لحكم القضاة للباطل.
بعيدا عن التصورات الملائكية عن مجتمع الصحابة
ومن يجيب المضطر اذا دعاه وغيره استعصت على قدرته المسائل
من يكشف الكرب والغم ومن يفصل بين المشغول والشاغل
من يشرح الصدور ولولا هداه لنعدم الكوامل من كسانا،
من أطعمنا وسقانا، من كفانا وهدانا من خلق لنا الأبناء
والحلائل من سخر لنا جوارحنا ومن طوع لنا الأعضاء
والمفاصل من لنا إذا انقضى الشباب وتقطعت بنا الأسباب
والوسائل هو الله، هو الله، هو الله الإله الحق وكل ما خلا الله باطل،
والإفساد في الأرض أمر يجب التحذير منه والتنبه له،
لأنه أمر مخالف لدعوة الأنبياء والرسل عليهم السلام الذين
جاءوا بالإصلاح في الأرض، وإخراج الناس من عبادة العباد
إلى عبادة الله عز وجل، وتتابعت رسُل الله وأنبياؤه ينهون
عن الفساد في الأرض، وإن للإفساد في الأرض صور وأشكال
وألوان مختلفة ومتعددة، فمن الواضح الذي لا يختلف فيه اثنان.
الفساد في أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي
أن الفساد عم وطم في أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي،
فأصبحنا نشاهد الفساد الاقتصادي والفساد الإداري
والفساد السياسي والفساد الاجتماعي والفساد الأخلاقي
والفساد الديني والفساد العلمي بجميع الصور،
نسأل الله
ألا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، وعند تدبر كتاب الله والتأمل
فيه نرى في كتاب الله تحذيرا من أنواع الفساد، ليكون المسلم
على حذر منها، وإذاتأملت الآيات التي ذكر الله عز وجل
فيها الإفساد فرأيت أن الله تبارك وتعالى إذا ذكر الإفساد
بهذا اللفظ نفى الإصلاح، أو ذكره معه لتعلم أن المفسدين
يفسدون في الأرض ولا يصلحون،
صور الإفساد في الأرض
فإن الفساد أصبح ظاهرة خطيرة تصيب جميع مجتمعات العالم،
النامية والمتطورة والمتقدمة منها على حد سواء،
وإن كان بدرجات متفاوتة،
ومن المؤسف أن معدلات الفساد آخذة في الازدياد،
فضلا عن تنوع المجالات التي يلحقها.
وكما ذكر أهل اللغة هو مصدر فسد يُفسد فسادا،
وهو ضد الإصلاح، فقال الليث أن الفساد نقيض الإصلاح، وقال الراغب،
أن الفساد خروج الشيء عن الاعتدال سواء أكان الخروج عليه قليلا أم كثيرا، وكل اعتداء على الدين، أو العقل، أو المال، أو العرض، أو النفس
فهو إفساد، وأما الإفساد في الاصطلاح، فقد ذكر أهل العلم
أنه إخراج الشيء عن حالة محمودة لا لغرض صحيح،
والفساد ظاهرة عامه، وهو نوع من العلاقة يتم فيها انتهاك القيم
والمثل والمعايير والقوانين، وللفساد درجات مختلفة،
منه البسيط ومنه الواسع المعقد، والفساد قد ينال كل مظاهر
الحياة وكل جوانبها من دون استثناء، وقد يمارس الناس الفساد
دون أن يعترفوا بذلك، بل قد يدعون أنهم مصلحون
كما في قوله تعالى فى سورة البقرة
” وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون “