صوت العمال الحرّ معركة استقلال النقابات في وجه التسييس والهيمنة
صوت العمال الحرّ معركة استقلال النقابات في وجه التسييس والهيمنة
بقلم : قيادى عمالي مستقل محمد عبدالمجيد هندي مؤسس ورئيس المجلس القومى للعمال والفلاحين تحت التأسيس
إن العمل النقابي المستقل هو من ركائز الديمقراطية التي لا يمكن التنازل عنها، ولا يمكن السماح لأي جهة أن تنتزعها تحت أي ذريعة، فتأسيس منظمات عمالية مستقلة يعبر عن الحق الطبيعي للعامل في التعبير عن مصالحه، والدفاع عن حقوقه بشكل غير مرهون بسلطات أو أيدي موجهة لا تسعى سوى لإخضاع العامل وتوجيه صوته لخدمة أجندات ومصالح ضيقة لا تخدم سوى فئة بعينها. إننا اليوم نواجه هجمة شرسة تُحاك خلف الكواليس وتُدبَّر بصمت للسيطرة على النقابات وحصرها في إطار مسيس تابع، هدفه الأساسي ليس مصلحة العمال، بل مصالح من يسعون لتعزيز نفوذهم واستدامة سيطرتهم على كل جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
لقد عملنا لسنوات من أجل تأسيس نقابات حرة ومستقلة تدافع عن حقوق العمال المصريين وتعبر عنهم بصدق، بعيدًا عن تزييف الحقائق وتوجيهها، وكان ولا يزال الهدف الرئيسي هو بناء منظومة نقابية ترتكز على صوت العامل المصري الحر الذي لا يتأثر بسياسات مسيسة، ولا يذعن لأوامر عليا تُفرض عليه. إن كفاحنا اليوم هو دفاع عن حق تأسيسي لجميع العمال، وحق أصيل في التمثيل والتعبير عن أصواتهم بعيدًا عن هيمنة المصالح. ولا يسعني هنا إلا أن أؤكد أن المساعي الرامية إلى طمس هذا الحق وإجهاض كل محاولاتنا نحو الاستقلالية النقابية لن تمر مرور الكرام، لأن هذا الحق الذي نناضل من أجله هو قضية كرامة ووطن قبل أن يكون مسألة مهنية أو مطلبًا عماليًا.
العمل النقابي المستقل هو الأداة التي تمكّن العامل من الوقوف في وجه القرارات والسياسات الاقتصادية التي تفرض عليه وتحاصره بالديون والغلاء، دون مراعاة لحجم المعاناة التي يعيشها العمال وأسرهم بسبب ارتفاع الأسعار وتزايد الأعباء الاقتصادية. إذا كانت الجهات التي تحاول السيطرة على النقابات ترى في تقييد هذا الحق مكسبًا لها، فإنها بذلك ترتكب جريمة بحق العمال وحقهم المشروع في حياة كريمة. يجب أن نعلم جميعًا أن هذه الجهات لن تكون قادرة على التلاعب بحقوقنا إذا ما توحدت صفوف العمال تحت راية العمل النقابي الحر والمستقل الذي لا يقبل الخضوع ولا يقبل المساومة.
ليس من حق أي جهة أن تفرض على العمال وصاية أو تحدد لهم من يمثلهم، هذا الحق منحه القانون والضمير العالمي والنظام الديمقراطي الذي نسعى إليه، وقد كفلته المواثيق الدولية ووقعت عليه كل دول العالم المتحضر، ولذا فإنّ محاولات إجهاض استقلالية النقابات هو انتهاك لكل القوانين والأعراف الإنسانية، وعلينا أن نقف صفًا واحدًا في وجه هذه المحاولات البائسة. إن الكفاح من أجل حرية النقابات هو كفاح من أجل بناء وطن يقدر قيمة عمل أبنائه، ويحترم أصواتهم، ويعزز دورهم كشريك في عملية التنمية. لا يمكن لهذا الوطن أن يتقدم إذا كانت حقوق عماله مسلوبة، وإذا كانت أصواتهم تُكمم، وعلينا أن ندرك تمامًا أن إعلاء صوت العامل هو جزء من ترسيخ العدالة الاجتماعية والاقتصادية التي نطمح إليها جميعًا.
وأقول لكل من تسول له نفسه العبث بهذا الحق، إن تاريخ النقابات العمالية في مصر والعالم يشهد بأن هذا الحق لم يُمنح منةً من أحد، بل كان ثمرة نضال طويل وكفاح شاق وتضحيات جسيمة قدمها العمال من أجل أن تكون لهم كيانات تعبر عنهم وتدافع عن حقوقهم. إننا لن نرضى أن نعود إلى عصور الوصاية والاستغلال، ولن نقبل أن يتم تحجيم طموحاتنا أو تضييق مساحاتنا للتعبير عن قضايانا. عمال مصر ليسوا أدوات تُستخدم في خدمة مصالح فردية أو جماعية ضيقة، بل هم العمود الفقري لهذا الوطن، ولا يمكن بناء أي نهضة حقيقية دون تمكينهم من التعبير عن تطلعاتهم وحقوقهم بحرية وعدالة. لن نقبل بوجود نقابات تُصمم فقط لتكون امتدادًا للجهات التي تسعى للتحكم بصوت العامل وتوجيهه حيثما تشاء.
أدعو كل العمال الشرفاء الذين يعرفون قيمة هذا الوطن، ويشعرون بمسؤولية تجاه مستقبله، إلى أن يقفوا معنا في هذا الكفاح، وأن يكونوا جزءًا من هذا النضال من أجل بناء نعددية نقابية حرة ومستقلة تكون لهم سندًا حقيقيًا، فصوت العامل الحرّ ليس فقط ضمانًا لحقوق العمال، بل هو صمام أمان لمستقبل مصر، ولتكن كلمتنا واضحة، وثابتة، لا مساومة فيها ولا تردد، فحقوق العمال هي جزء من حقوق الوطن، ولا يمكن التفريط فيها أو قبول أي تلاعب بها
بقلم : القيادي العمالي محمد عبدالمجيد هندي مؤسس ورئيس المجلس القومى للعمال والفلاحين تحت التأسيس
تابعنا على جوجل نيوز