أدب

صناعة التفاهة

أهداب حوراني

صناعة التفاهة
بقلم: أهداب حوراني

صناعة التفاهة، بين عشية وضحاها امتلأت سماء الواقع بسحب كثيرة لكنها لا تمتلك طبيعة السحب المحملة بالغيث، امتلأت بالتفاهة والوقاحة وقلة الحياء، أمطرت علينا من كل الاتجاهات، سيطرت على عقولنا وعقول أبنائنا وساهمت بشكل كبير جدًا في تشويه الأفكار والأخلاق والذوق العام، مما أدى إلى الانحطاط الفكري والمجتمعي، أصبح الطريق إلى الشهرة قصير جدًا كل ما عليك فعله هو أن تكون تافهًا أو منحطًا وتتجرد من حياءك وترقص لترويج نفسك على المنصات الاجتماعية، وللأسف الشديد أصبح التيك توك وفيس بوك وغيرهم وسائل لترويج التافهين وتكرار محتواهم والمساعدة في انتشارهم بشكل كبير، ينساق المروجون وراء المشاركات وتساق القنوات الإخبارية والجرائد التي لا تجد من المحتوى الجيد ما تقدمه لتقتات عليه خلف هؤلاء التافهين لتحقيق نصيبهم من المشاهدات.

إلى أي حدٍ سنصل وسط هذه الفوضى العارمة؟!

مقالات ذات صلة

إلى أي مدى سنظل ندعم التفاهات ونجعلها واجهة الواقع العام؟!

متى سنتوقف عن صناعة أصنام بشرية متحركة، نقف على أعتابها عرايا الفكر والرأي ونتركها تتحكم في مصائرنا ومصائر أجيال لا تعي إلى أين يقودها الطريق؟!

تصدرت الساحات الكثير من الشخصيات التافهة التي تطالب بحرية الرأي والتعبير وإتاحة فرص الإبداع والتحدي، بغض النظر عن تفاهة الشخصية وخلو المحتوى من المادة والمقومات التي تساعده على النجاح إلا أنهم ينجحون، فجأة وبلا مقدمات تجد أحدهم حديث العالم، تتسارع القنوات التلفزيونية لاستضافته وتلاحقه الكاميرات ويمتلئ حسابه البنكي بالدولارات، وراحت صفحته الشخصية ملاذًا لآلاف المتابعين، ماذا صنع، تجد الإجابة هذا عامل نظافة افتعل خناقة وتم طرده وفلان تعاطف معه، وهذا قام بتقليد أغنية أجنبية بطريقته السوقية، وأخر قام بتحويل جنسه، وهذه ترقص، وأخرى تروج لمنتجات جنسية، وأخرون يعرضون يومياتهم بلا حياء، يلبسون ملابس ملفتة جدًا أحدهم تقوم بتأكيل دجاجاتها التي ربتها فوق سطح المنزل، وأخرى تأكل بشراهة وتظهر بفلتر يجعلها تظهر بشكل بشع غير استخدامها لألفاظ سوقية خادشه للحياء، وغيرهم الكثيرون والكثيرات، السؤال الملح هنا أين نحن من المخترعون وأطفال المواهب في كل المجالات؟

أصبحنا نصنع التفاهة في بيوتنا في الشارع في المدارس والجامعات في الحدائق العامة في كل مكان، أصبحت صناعة التفاهة الطريق الأقصر لجني المال وتحقيق الثراء السريع بلا جهد كل ما عليك فعله هو أن تكون تافهًا وتمتلك هاتفًا رقميًا يحتوي على كاميرا، وتنتج الفيديو الخاص بك وتخرجه على الملأ، تحدث في أي أمر شئت في السياسة والاقتصاد والدين والثقافة والفكر وغير ذلك من مجالات الحياة المتنوعة، بلا علم ولا فكر ولا قيم أو أخلاق، هكذا تصنع المجد لنفسك وتكون مثالًا يحتذي به الكبار قبل الصغار وتحصل على وسام صانع البهجة ودرع التيك توك  ودرع اليوتيوب الذهبي وغيرها، تجد الراحة السريعة ونحن نعاني مر الحياة ومنتجات التفاهة تضرب بالذوق العام وتدفعه للحضيض، وكل الآراء والتقييمات غير مهمة ولا يلقى لها بال، وعلى هذا المنوال، نجد عالم التفاهة يكبر، ويكبر معه جيل بعد آخر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
رجوع
واتس اب
تيليجرام
ماسنجر
فايبر
اتصل الآن
آخر الأخبار

أنت تستخدم إضافة Adblock

يجب عليك ايقافها لكي يظهر لك المحتوي