
كتب /السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر
شذرات لغوية
إعراب و معنى آية
قال تعالى :
” ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ ” ٠
( سورة يوسف : جزء من الآية ٩٩ ) ٠
عزيزي القاريء الكريم ٠٠ مازال القرآن العظيم يشتمل على أسرار
كثيرة حتى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها من أحكام وقصص
و أخبار و أخلاق و عبادات و معاملات و لغة و بلاغة
و من ثم نتوقف مع تلك هذه الشذرات اللغوية لفهم بعض الآيات الكريمة هكذا
* أولا الإعراب :
( ادْخُلُوا) أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والجملة
مقول القول
(مِصْرَ) مفعول به منصوب ٠
(إِنْ) حرف شرط جازم ٠ (شاءَ اللَّهُ) ماض ولفظ الجلالة
فاعله وهو فعل الشرط وجوابه محذوف والجملة اعتراضية لا محل لها
(آمِنِينَ) حال منصوبة بالياء لأنه جمع مذكر سالم .
* مع الصور البلاغية و المعاني الإعرابية:
وقوله : ” ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ” جملة دعائية
بقرينة قوله : ” إن شاء الله ” لكونهم قد دخلوا مصر حينئذٍ .
فالأمر في : ادخلوا ٠ للدعاء كالذي في قوله تعالى :
“ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ” سورة الأعراف : ٤٩ ٠
والمقصود : { تقييد الدخول بآمنين } وهو مناط الدعاء .
والأمنُ : حالة اطمئنان النفس وراحة البال وانتفاء الخوف
من كل ما يخاف منه ، وهو يجمع جميع الأحوال الصالحة
للإنسان من الصحة والرزق ونحو ذلك .
شذرات لغوية
وجملة { إن شاء الله } تأدب مع الله كالاحتراس في الدعاء الوارد
بصيغة الأمر وهو لمجرد التيمّن ٠
و يُخْطِىء بعضنا في كتابة (إنْشَاءَ) بدل (إنْ شَاءَ) وهذا خطأ .
والصَّواب (إنْ شَاءَ اللهُ) لأن الأولى من (الإنشاء) وهو البناء ،أما
الثَّانية فهي من (المشيئة) وهي الإرادة .
* ثانيا المعنى العام :
فقد جاء تفسير الآية الكريمة عند السعدي يشير الله -تعالى-
في هذه الآية الكريمة إلى نبي الله يعقوب -عليه السلام-
عندما استعد هو وأبناؤه أجمعون، وهاجروا من بلادهم،
وكل غايتهم الوصول إلى بلاد نبي الله يوسف -عليه السلام-
في مصر والاستقرار فيها، فلما بلغوا المكان المقصود،
ودخلوا على يوسف -عليه السلام- احتضنهما يوسف إليه
وميزهما بقربه، وتوسع في الإحسان إليهما، ورفق بهما، وأحسن معاملتهما.
وقال يوسف -عليه السلام- لجميع أهله:
(ادخُلوا مِصرَ إِن شاءَ اللَّـهُ آمِنينَ)
أي مطمئنين وواثقين من أنه لن يصيبكم المكاره والأخطار والمخاوف،
فدخلوا في حال من الفرح والسرور، وزال عنهم الغم والهم والكدر،
وحصل لهم السرور والسكينة والطمأنينة والثقة وعدم القلق.
شذرات لغوية
و في تفسير القرطبي ينوه حيث كانت هناك بشارات وأخبار سارة
ومفرحة، تحققت معها ما رآه نبي الله يوسف -عليه السلام-
في نومه وهو صغير، كما تحقق معها تفسير نبي الله يعقوب لها،
فقد رحل يعقوب وأولاده إلى مصر لرؤية ابنه يوسف،
وهناك جمع ما تفرق من أمرهم، فقد استجاب إخوة يوسف لقوله لهم:
(اذهَبوا بِقَميصي هـذا فَأَلقوهُ عَلى وَجهِ أَبي يَأتِ بَصيرًا
وَأتوني بِأَهلِكُم أَجمَعينَ)،
حيث هاجروا جميعاً إلى مصر ومعهم والدهم.
فلما قدموا مصر ودخلوا على يوسف، عانق يوسف -عليه السلام-
أبويه، وقال للجميع (ادخُلوا مِصرَ إِن شاءَ اللَّـهُ آمِنينَ)
من الجوع والخوف والخطر والتهديد ٠
وقد جاء في تفسير الوسيط لفضيلة الإمام الشيخ محمد سيد طنطاوي
عن المفسرين كلاماً يدل على أن يوسف -عليه السلام –
والأعوان المقربون، ووجهاء مصرالأعلى قدراً والأعظم شرفاً،
جميعهم قد خرجوا لاستقبال يعقوب وأسرته عندما قدموا إلى مصر.
وإن المقصود بأبويه في الآية الكريمة: والده وخالته، لأن والدته ماتت
وهو صغير، وقد نقل الطنطاوي عن ابن جرير قوله: إن والده ووالدته
يعيشان، وأنه لا يوجد إثبات على وفاة والدته، وعموم القرآن
يدل على حياتها، وبين الطنطاوي أن المقصود بدخول مصر هو العيش
والاستقرار بها، وقد قيل إن عدد أفراد أسرة نبي الله يعقوب –
عليه السلام- الذين حضروا معه مصر كانو من ثمانين إلى تسعين فرداً.
هذه كانت أهم الخطوط الرئيسة في الإعراب و المعنى الإجمالي
نسردها للفائدة نطقا وكتابة وفهما لإدراك المقاصد من
وراء هذا العرض الموجز دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد إن شاء الله ٠