سبب إنحلال أمر المسلمين
سبب إنحلال أمر المسلمين
بقلم / محمـــد الدكـــروري
سبب إنحلال أمر المسلمين ، الحمد لله، أعظم للمتقين العاملين أجورهم، وشرح بالهدى والخيرات صدورهم، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفّق عباده للطاعات وأعان، وأشهد أن نبيّنا محمدا عبد الله ورسوله خير من علَّم أحكام الدين وأبان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل الهدى والإيمان، وعلى التابعين لهم بإيمان وإحسان ما تعاقب الزمان، وسلّم تسليما مزيدا ثم أما بعد، إن الأمانة هو الخلق المفقود اليوم بين الناس ويجب على الأئمة والعلماء وطلاب العلم وعامة الناس، تذاكر هذا الموضوع بعد الصلوات من قبل الأئمة، وعلى المنابر من قبل الخطباء، وعبر المحاضرات والكلمات من قبل العلماء وطلبة العلم عن طريق المساجد أو عبر وسائل الإعلام المختلفة وكذلك إشاعة مثل هذا الأمر وتذكير الناس به عن طريق المناسبات والإجتماعات.
وهكذا حتى يدرك الناس حقيقة الأمانة وما تدل عليه وما تشتمله من حياة العبد فالأمانة ليست كما يعتقده كثير من الناس أنها تتعلق بالودائع وحفظ الأمتعة والأموال لحين عودة صاحبها ثم يردها له أو ينكرها، بل الأمانة أعظم من ذلك بكثير، فالأمانة أشمل من ذلك وأعظم منه بكثير، الدين الذي منّ الله به عليكم أمانة في أعناقكم، جسدك أمانة، أبناؤك أمانة، زوجتك أمانة، مالك أمانة، وكل ما يتعلق بك أمانة، واليوم لقد ضعفت الأمانة وقل التعامل بين الناس بها حتى لا تكاد ترى رجلا أمينا تأمنه على مالك أو سرك أو غير ذلك، وإن للأمانة شأن عظيم في إستقامة أحوال المسلمين ما ثبتوا عليها وتخلقوا بها وهي دليل نزاهة النفس وإعتدال أعمالها، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من إضاعتها والتهاون بها وأشار إلى أن في إضاعتها انحلال أمر المسلمين.
وهو حديث توسيد الأمر لغير أهله، فقد ولي أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه القضاء على عهد أبي بكر رضي الله عنه وبعد سنة من توليه القضاء جاء إلى أبي بكر وقدم إستقالته، فقال له أبو بكر رضي الله عنه ” أمن ثقل المسؤولية يا عمر ؟ ” قال لا، ولكن لي سنة في قضاء المسلمين ولم يأت إلي أحد، أتدرون لماذا يا عباد الله، لم يأتي إلى القاضي أحد خلال سنة كاملة ؟ لأنه مجتمع مؤمن يحترم بعضه بعضا، ويؤدي كل واحد منهم حقوق الآخرين ولا يبخس منها شيئا، فهو مجتمع طاهر نقي تقي، كل يخشى ربه ويخاف خالقه، فهو مجتمع أسلم بكامله لله عز وجل، وأوكل أمره إلى الله تعالي، وهو مجتمع لا يعتدي فيه أحد على أحد، كل فرد منه يعرف ماله وما عليه، لأجل ذلك إستقال عمر رضي الله عنه من القضاء.
سنة كاملة لا يأتيه شخصان يختصمان زمن فاضل وأناس فضلاء، أما اليوم ومع كثرة القضاة، إلا أن المحاكم لا زالت بحاجة ماسة وملحة إلى أضعاف مضاعفة من قضاة اليوم، ولقد غصت أروقة المحاكم بالمتخاصمين والمشتكين حتى بلغت القضايا آلافا مؤلفة في سنة واحدة، وعمر رضي الله عنه لم تأته قضية واحدة في عام كامل، فشتان بين الفريقين، فريق اتبع الهدى، وفريق عصى وغوى، فكانت النتيجة ما نراه من قطيعة بين الناس وتدابر وتهاجر، بل سرى ذلكم الأمر حتى وصل بين أفراد الأسرة الواحدة، أتدرون لماذا ؟ بسبب أوساخ الناس، ألا وهي الأموال، فكل ما تراه اليوم من مشاكل ومحن وقطيعة وفتن يصب في الغالب في قالب المال، الذي من أجله يحب الناس ويبغضون، ويقربون ويبعدون.
تابعنا على جوجل نيوز