ذل المصلحة وعز الكرامة

ذل المصلحة وعز الكرامة
بقلم / محمد عزوز
في عصرنا الحالي، يسعى الكثيرون لتحقيق مصالحهم الشخصية، سواء كانت مادية أو معنوية أو اجتماعية. قد يبدو السعي وراء المصلحة أمرًا طبيعيًا، ولكن المشكلة تكمن في الوسائل التي يتبعها البعض لتحقيق تلك المصالح. فهناك من يختار طريق الذل والتنازل عن كرامته في سبيل الحصول على منافع معينة. هذا النوع من الأشخاص قد يتجاهل المبادئ والأخلاق، ويقبل بأي شروط حتى لو كانت تحط من قيمته الشخصية وتقلل من احترامه لنفسه وللآخرين.
على الجانب الآخر، نجد من يلجأ إلى الكذب والنفاق في سبيل تحقيق مصالحه. قد يعتقد البعض أن التلون وتغيير المبادئ هما طريق سهل للوصول إلى الأهداف، فيخدع الآخرين ويتصنع مواقف وأفكار لا يؤمن بها، فقط ليحظى بمكانة أو مكسب. ومع أن هذا الأسلوب قد يحقق نتائج سريعة على المدى القصير، إلا أن عواقبه طويلة الأجل تكون عادة وخيمة.
في المقابل، هناك من يضع كرامته فوق كل اعتبار، ويؤمن أن المصلحة لا تأتي على حساب المبادئ أو الأخلاق. هذا الشخص يعتمد على الصدق والإخلاص، ويختار الطرق المشروعة لتحقيق أهدافه، حتى وإن كانت أصعب أو أطول. يعتبر أن الذل أو الكذب يفسدان قيمة أي مكسب، وأن الحياة بكرامة واحترام للذات أفضل بكثير من تحقيق أي مصلحة.
هناك أمثلة عديدة لأشخاص يضحون بكرامتهم في سبيل تحقيق مصالح شخصية، ومن هذه الأمثلة من يكون لديه خصومة مع طرف اخر حول مصلحة معينة. بدلاً من الحفاظ على كرامته، يختار أن يذل نفسه مرارًا وتكرارًا في محاولات مستمرة للتصالح مع خصومه. كان يرسل الوسطاء واحدًا تلو الآخر، محاولاً الجلوس معهم لتحقيق أهدافه الشخصية. ولكن في كل مرة، كان يواجه بالرفض، لأن الطرف الآخر كان يعلم جيدًا بمكره وخداعه. وفي كل محاولة جديدة، كان يذل أمام الوسطاء وأمام خصومه، ومع ذلك، استمر في محاولاته، غير مبالٍ بالذل الذي يعيشه يومًا بعد يوم. كان من الأولى به أن يتخلى عن تلك المصلحة ويحافظ على كرامته، ولكنه يضحي بشرفه في سبيل مكسب مؤقت قد لا يناله أبدًا.
في الختام، فإن الاختيار بين الذل في سبيل المصلحة وعزة الكرامة هو قرار فردي يعكس قناعات الشخص وأخلاقياته. يمكن أن يختار الإنسان طريق الذل والكذب ليحقق مكاسب سريعة، لكنه سيفقد قيمته الحقيقية مع الوقت. أما من يختار الكرامة، فقد يواجه تحديات أكثر، لكنه سيحظى باحترام الذات والآخرين، وهو أعظم مكسب يمكن للإنسان أن يحققه.