إن في عموم تربية النشئ لم يكن اهتمام الإسلام منصبا على حشو الأدمغة بالمعلومات والمعارف الإنسانية أو الدينية بقدر ما كان يهتم بتأديب المتلقي وتربيته على المبادئ التي تحملها تلك المعلومات بل والتماهي والتمازج بين المبادئ العقلية والشخصية الإنسانية حتى تصيرا شيئا واحدا، لذلك كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يتجاوزون حفظ عشر آيات حتى يتعلموا ما فيهن من العلم ويعملوا بما فيها، فيتعلمون القرآن والتقوى معا، وتزداد قلوبهم إيمانا مع إيمانهم، وتتعمق في نفوسهم المعاني التربوية العظيمة التى قد لا يحويها كتاب ولكن يحويها قلب امرئ مسلم، وإن ما يشاع من أن تربية الأبناء تقع على عاتق الأم فقط اعتقاد خاطئ، فالمسؤولية مشتركة بين الزوجين، وتربية الأبناء ليست مهمة الأمهات.
فحضور الآباء مهم جدا في حياة أبنائهم من كافة النواحي، خاصة فيما يتعلق بتنشئتهم الاجتماعية، وأنه يغفل الكثير من الآباء عن تخصيص وقت مناسب لقضائه مع أبنائهم وينشغلوا بأهميته جلب المال إلى الأهل والأبناء، ولكن هناك دور مهم يجب الحفاظ عليه وهو الإسهام في التنشئة النفسية والعاطفية للصغار، مما يجعلهم أكثر قدرة على النجاح والإبداع في حياتهم الشخصية والعملية، فيا أيها الآباء اتقوا الله في أبنائكم، وربوهم على حب الله وخوفه ورجاء ما عنده، ربوهم على منهج الله، وعودوهم على الطاعة، وعلموهم العبادة، ربوهم على أن يعيشوا في الدنيا بمنظار الآخرة، وأن الواجب على المسلمين أن يكونوا أمة واحدة ليشبوا على الألفة والمحبة والاتحاد، ومن كان من أولادكم يستطيع القراءة.
فحثوه على قراءة الكتب النافعة مثل كتب التفسير القيمة لمعاني القرآن، ومثل كتب الحديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومثل كتب التاريخ الصحيحة البعيدة عن الأهواء، خصوصا تاريخ صدر الإسلام لأن قراءة تاريخ ذلك العصر يزيد القارئ علما بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومحبة لهم وفقها في الدين وأسرار أحكامه وتشريعاته، وحذورهم من قراءة الكتب الضارة التي تخل بعقيدة الإنسان أو عباداته أو أخلاقه، ومن قراءة الصحف والمجلات الضالة التي تتضمن الشك والتشكيك وإثارة الفتن، أو تبحث في أمر من أمور الدين على وجه الخطأ، فالتسامح يعني أن نعطي فرصة ثانية لمن يستحق، لمن يستحق فقط، وإن الشخص الذي يسامح يدفع عنه وعن أحبته العداوات.
فتخيل أن يصبح لك أعداء لأسباب صغيرة، كيف سيكون حالك وقتئذ؟ فإن الله تعالى خلقنا أنقياء، وجعل المودة أساس كل شيء بيننا، ولم يخلق معنا الكره أو الحقد، فالطبع يغلب التطبع، ولذلك الإنسان الطبيعي يميل إلى التسامح أكثر من ميله للانتقام، فإذا ادعى شخص حبك، ولكنه لم يسامحك فاعلم أنه كاذب، لأن الأساس الأول لأي علاقة هو التسامح، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال”إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه، وحُسن الخلق” فهذا الحديث فيه حث على التمتع بالأخلاق الحسنة، وأنه ينبغي على المؤمن أن يجاهد نفسه ويحرص على حسن الخلق، وخاصة مع أهله وأولاده، واخوانه، وجيرانه، وأصحابه، وفي ذلك أيضا قال الله تعالى ” والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض”