مقالات

حديقة الشفاعة وتربية الأولاد

حديقة الشفاعة وتربية الأولاد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : السبت الموافق 7 سبتمبر 2024

 

حديقة الشفاعة وتربية الأولاد ، الحمد لله الذي جعل لنا الصوم حصنا لأهل الإيمان والجنة، وأحمد سبحانه وتعالى وأشكره، بأن من على عباده بموسم الخيرات فأعظم المنة ورد عنهم كيد الشيطان وخيب ظنه، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، شهادة تؤدي لرضوانه والجنة، أما بعد إنه ما بين الناس ورحمة الله إلا أن يطلبوها مباشرة منه بلا واسطة ويعملون بأسبابها ويأخذون بمفاتيحها، فإن رحمة الله لا تحصل إلا لمن آمن الإيمان الحقيقي بجميع أركانه الستة وهو الإيمان بالله وبملائكته وبكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، وطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعة الله ودخول الجنة معّلق بطاعة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم القائل ” كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، فقالوا يا رسول الله من يأبى؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى” رواه البخاري.

مقالات ذات صلة

 

واعلموا يرحمكم الله إن حديقة تربية الأولاد هي حديقة طريقها طويل وشاق غير أن فيه زينة وجمالا، وإن مشوارها لمتعب ومرهق، لكن عاقبته طيبة محمودة، الأولاد شجيرات مخضرة إذا سقيتها بماء الخلق، وزهور جميلة إذا رعيتها بالتربية وربوع مشرقة إذا أضأتها بنور الإيمان، فاصبر على طريق تربيتهم لتحصد منهم ما تقر به عينك ويسر به خاطرك، فلفلاح أحدهم مرة ينسيك تعبك مرّات كثيرة ولنجاحهم سنة ينسيك سهرك معهم سنوات مديدة، فلا تلتفت إلى شقائك بهم في صغرهم فإنه سيثمر سعادة في كبرهم، وتابعهم في دروسهم وصلاحهم وصحتهم كن معهم بقلبك وقالبك، فإن لم تستطع فبقلبك ودعائك واعلم أنهم أمانة في عنقك فلا تفرط فيها فقال النبي صلي الله عليه وسلم “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته” رواه البخاري.

 

فإنها سنوات سقي ورعاية تنبت لك حياة زهر وثمر، وسنوات تصبرها لترى بهجتها تملأ لك بها الدنيا بمقدمهم عليك وقد أصبح أحدهم مهندسا بارعا أو طبيبًا ماهرا، أو صانعا حاذقا أو معلما ناجحا، أو داعية موفقا وهم مع ذلك كله يلفونك ببرهم وتسعد بصلاحهم واستقامتهم، فأي زينة للدنيا بعد هذه الزينة، إنها حصيلة دعاء عباد الرحمن حيث قال تعالي ” ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما” وسوف تجني من حديقة التربية الصالحة هذه حتى بعد موتك بدعاء أولادك لك، فإن النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم يقول ” إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية أو علم ينتقع به أو ولد صالح يدعوا له ” ولتذوقن جناها برفعة درجتك في الجنة بإذن ربك، فما أجمل ربوع التربية وظلالها فثابر فيها بالعمل لتجتني أجمل الثمر.

 

إن حديقة الشفاعة للمسلمين حديقة قصّرنا كثيرا في العمل فيها، وقد قال الله تعالى “من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها” فإنه وعد من الله تعالي بأن يكون لك من شفاعتك الحسنة نصيب من الخير المترتب عليها إضافة على أجر شفاعتك، إنها ضمانات ربانية لمن جعل في قلبه حبا لإخوانه وراح يترجم هذا الحب إلى سعي حثيث بما يستطيع من جاه أو بيان ليقضي لهم ما يقدر على قضائه، ألا يكفي يا أخي الكريم أنك ستخرج بالأجر ولو لم تسمع شفاعتك، أو يتحقق مرادك وأسوتك في ذلك الحبيب صلى الله عليه وسلم، فجرّب مرة فإشفع لأحد من الناس في حاجة له، لتشعر كيف يثلج صدرك ما أسعدت به أخيك، ولتبهج خاطرك من دعائه لك إنها سعادة لحظة تتولد منها أفراح طويلة وبذل ساعة تنتج منها حياة سعيدة.

حديقة الشفاعة وتربية الأولاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
رجوع
واتس اب
تيليجرام
ماسنجر
فايبر
اتصل الآن
آخر الأخبار