مقالات

حتى لا ينسى التاريخ: في ذكرى رحيل البطل اللواء أ.ح إبراهيم فؤاد نصار

بقلم: الجيوفيزيقي محمد عربي نصار
في مثل هذا اليوم، الرابع والعشرين من مارس عام 2018، فقدت مصر أحد أعظم رجالاتها المخلصين، ورمزًا وطنيًا من طراز فريد، اللواء أركان حرب إبراهيم فؤاد نصار، مدير المخابرات الحربية خلال حرب أكتوبر المجيدة، ورئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق، الذي حمل لواء الوطنية في صمت، وخدم تراب هذا الوطن في أصعب المراحل وأخطرها.
وُلد البطل وتخرج في الكلية الحربية عام 1944، وفي أول اختبار حقيقي لشخصيته، رفض تقبيل يد الملك فاروق في طابور التخرج، ليبدأ مسيرته العسكرية بنزاهة وصلابة نادرة. لم يكن مجرد ضابط، بل كان معلمًا ومُخططًا واستراتيجيًا من الطراز الأول، عمل مدرسًا في كلية القادة والأركان، قبل أن يتولى إدارة المخابرات الحربية من 1972 إلى 1975، وهي الفترة التي شهدت أروع ملاحم العسكرية المصرية في حرب أكتوبر 1973.
كان أحد أدوات النصر الاستراتيجية في يد الرئيس السادات، خصوصًا في التعامل مع بدو سيناء الذين وصفهم بكل فخر بأنهم “صنّاع النصر الحقيقيون”، مشيدًا بدورهم البطولي في مد المخابرات المصرية بالمعلومات الحاسمة عن الجسر الجوي الأمريكي لإسرائيل، وهي شهادات تحمل في طياتها عمقًا وطنيًا وإنسانيًا نادرًا.
لم تتوقف مسيرته بعد الحرب، بل تفرغ لملف تنمية المحافظات الحدودية، فكان محافظًا للبحر الأحمر، ثم جنوب سيناء، ثم مرسى مطروح، بين عامي 1975 و1981، قبل أن يُكلّف برئاسة جهاز المخابرات العامة من 1981 حتى 1983، في واحدة من أكثر فترات مصر حساسية بعد اغتيال الرئيس السادات.
عاصر اللواء نصار ملوكًا ورؤساء، شارك في ثورة يوليو 1952، وشهد مرارة النكسة، وكتب اسمه بين صُنّاع نصر أكتوبر، وكان شاهدًا على مراحل التحول الكبرى في تاريخ مصر الحديث، وظل اسمه مرتبطًا بكل ما هو وطني وشريف، حتى وافته المنية في مثل هذا اليوم من عام 2018.
لقد رحل جدي الكبير، لكنه ترك إرثًا وطنيًا خالدًا، ومسيرةً مضيئة تليق بالأبطال الحقيقيين الذين لا يطلبون مجدًا شخصيًا، بل يقدمون كل ما يملكون من أجل رفعة وطنهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
رجوع
واتس اب
تيليجرام
ماسنجر
فايبر
اتصل الآن
    آخر الأخبار