مقالات

حب الوطن نابع من القلب والوجدان

حب الوطن نابع من القلب والوجدان

بقلم / محمـــد الدكـــروري

حب الوطن نابع من القلب والوجدان

لقد اتفقت قبائل قريش على مقاطعة رسول الله صلي الله عليه وسلم ومن آمن به ومحاصرتهم في شِعب بني هاشم، وكانت تلك المقاطعة بعدم التعامل معهم في البيع أو الشراء، إضافة إلى عدم تزويجهم أو الزواج منهم، وقد وُثقت تلك البنود على لوحة وعُلقت على جدار الكعبة، واستمر الحصار مدة ثلاث سنوات، وانتهى بعد أن تشاور هشام بن عمرو مع زهير بن أبي أميّة وغيره في إنهاء الحصار، وهمّوا بشق وثيقة المقاطعة ليجدوا بأنها قد اندثرت إلا “باسمك اللهم” منها، وبذلك فك الحصار، وبرغم كل ذلك فكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يحب وطنه، لإن حب الوطن هو شيء نابع من القلب والوجدان، وهو شيء لا يمكن تزييفه أو ادعاءه لأنه يأتي بالفطرة السليمة، فكل إنسان وحيوان وطائر يحن لوطنه مهما حل أو ارتحل. 

 

لذلك يعتبر الوطن من المقدسات في ضمير جميع الأحياء، ومن يتنازل عن حقه في حب الوطن يكون كمن يتنازل عن نظر عينيه، لأن الوطن هو من يصنع لأبنائه وجودهم وهو الذي يجعل للإنسان قيمة، فحب الوطن ليس مجرد كلمات تقال أو شعارات ترفع، ولا هو حطابات رنانة تشعل الروح الحماسية ويهتف بها الشعب، بل هو فعل قبل القول وترجمة على أرض الواقع، فحب الوطن يكون بالدفاع عنه لأخر رمق، والوقوف إلى جانب قضاياه في الحرب والسلم، ودحر كل غاصب يحاول أن يعتدي عليه، كما أن حب الوطن يكون بأن نحافظ على جميع مقدراته من السلب والنهب، وأن نحمي تاريخه الماضي وأن نحرس حاضره وأن نرعى مستقبله ومستقبل أبنائه، إن الوطن لا يريد من أبناء شعبه أن يكتبوا اسمه ويعلقوه تميمة في صدورهم، بل يُريد منهم أن يبقى الأولوية في حياتهم في كل شيء. 

 

وأن يكون العطاء له غير محدود أبدا، ومهما قست الظروف يبقى الوطن حنونا وادعا، حتى أن القلب لا يشعر بالراحة والسكينة إلا فيه، فهو شيء متعلق بالروح قبل الجسد، وحبه يسري في العروق مع الدماء، ويكون حب الوطن بأن يجد أبناءه ويجتهدوا ويصنعوا لنفسهم مكانة بين باقي الشعوب، لأن الوطن مثل الأم الحنون التي تفتخر بإنجاز أبنائها، وكلما أعطى الأبناء أكثر، زادهم الوطن أكثر فأكثر، فهو في الولادة يمنحك اسمه وانتماءه وعاطفته، وفي الحياة يمنحك الأهل والبيت والسكن والتعليم، وفي الموت يحتوي أبناءه بترابه ويضمهم إليه إلى أن يشاء الله، لذلك يلتصق الوطن بكل ما يخص أبناءه من المهد إلى اللحد، ولطالما تغنى الشعراء والأدباء بالوطن، ولطالما قيلت فيه أعذب القصائد والحكم والتوصيات، لكن مهما قيل فيه، تبقى الأبجدية مقصرة في وصفه. 

 

فلا أحد أبدا يستطيع أن يصف جنته ويوفيها حقها، لذلك فليكن الوطن دوما في القلب والوجدان، وإن الوطن اصطلاحا هو المكان الذي ولد فيه الإنسان ونشأ فيه، ويتشابه هذا المعنى بالتعريف اللغوي لهذه الكلمة، ولكن مفهوم الوطن بالمعنى الحالي كما يعلمه المواطن هو البلد الذي يسكنه المرء، ويرتبط به، وينتمي إليه، ويحصل على الجنسية منه، أي أن مفهوم الوطن بدأ من المنزل، ثم الحيّ، وتوسع حتى شمل المدينة، وتوسعت الرقعة حتى أصبح داخل حدود جغرافيّة مرسومة على الأرض وعلى الخريطة، ويطلق على الشخص الذي يسكن هذا الوطن اسم المواطن، ويربطه به مفهوم الوطنية، والوطنية تعني حب الوطن، والنضال لأجله، والقتال في سبيله، والولاء والإخلاص له، فهذه من حقوق الوطن على المواطن، الذي يجد المواطن فيه الأمن والاستقرار، وتوفر حاجاته الأساسية من ماء وغذاء. 

حب الوطن نابع من القلب والوجدان 

حب الوطن نابع من القلب والوجدان

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات .. متابعة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
رجوع
واتس اب
تيليجرام
ماسنجر
فايبر
اتصل الآن
آخر الأخبار