مقالات تِك
تغريدة الشعر العربي


السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر ٠
************************
((( أحتاج وجه أبي ٠٠!! )))
الشاعر العُماني محمد العبري ٠
أسكنتُكِ القلبَ فأغلقتُهُ
فصرتِ فيهِ مُفرَدًا خالِدا
فأنتِ من أدركَهُ ذابلًا
ومن أعادَ صوتَهُ الشارِدا
وكانَ في عينيكِ لي جنّةٌ
فلستُ مطرودًا ولا طارِدا ٠
٠٠٠٠٠٠٠٠٠
من سلطنة عُمان التي تجمع خصال القيم الإنسانية بين الماضي و الحاضر فتجسد لنا معالم الحقيقة في انطلاقة نهضوية تبعث الأمل من جديد ٠٠
و من ثم مازال الشعر يتهادى في هذا الوادي الذي يمتلك طقوس فريدة في تلك البيئة الجميلة بين السهول و الوديان و الإفلاج حيث الطبيعة التي تمنح الإنسان شاعرية تترجم بواعث خواطره و تلهب مشاعره بين ظلال الحب و عشق الموطن فينساب كالجداول الرقراقة ينسج مواله في زوايا الذكريات مع الصبا بين الواقع و الخيال حصاد السنوات بكافة أطيافها تعبيرا يصور لنا خلاصة التجارب الذاتية هكذا ٠٠
و من ثم يتغني شاعرنا العُماني محمد بن سيف العبري بين ثنائية الحب و الوطن فيدرك ماهية الأشياء من نافذ الجمال الذي يلف المكان و يسترجع أحاديث و حكايات الزمان عنوانا لهذا الإنسان الشادي كاليليل الغرد على أفنان دوحته الغناء و أوتار قيثارته التي تعزف أنشودة الحب و الجمال بين وجه المحبوبة و الوطن معا :
وجهُهُ الآنَ بهيًّا قد أَطلّا
عرَفَ اللهَ يقينًا فتجلّى
هربَ العمرُ إليهِ واستدارتْ
حولَهُ أسماؤنا كيلا تَضِلّا
وبَنى من دَمِهِ للَّهِ أهلًا
حينَما قدَّرَهُ للعِلْمِ أهْلا
والبرايا شكّلتهُ في المرايا
غيمةً مانحةً ماءً وظلّا
جرحَ الأفْقَ فسالت أغنياتٌ
صوتُه ما زالَ يعلو حيثُ حلّا
حالمًا بالأمنياتِ البيضِ كم ألـ
ـقى بهذا الليلِ ضوءًا فاضمحلّا
نهِلت من روحِه الأرضُ كثيرًا
وكثيرًا لزمتهُ لتَعِلّا
وطنٌ أشياؤه الحبّ وكلٌّ
دونه إن عافَهُ بالجهلِ يبلى
* نشأته :
======
ولد الشاعر العُماني محمد بن سيف بن حماد العبري في ولاية الرستاق ٠
حصل على (بكالوريوس تربية) من كلية التربية بصحار ٠
و على الماجستير 2018م من (جامعة نزوى) في (الدراسات لغوية).
– أصدر ديوانا شعريا بعنوان (أحتاج وجه أبي) في عام 2019م.
_ عضو في إدارة لجنة الشعر الفصيح التابعة الجمعية العمانية للكتاب والأدباء.
– حصد المركز الأول في الشعر الفصيح في مسابقة (أوكسي) الشعرية للعودة الميمونة 2015م.
– شارك في المهرجان الشعري العماني العاشر بولاية صور عام 2016، والمهرجان الشعري الحادي عشر بولاية خصب 2018م، والمهرجان الشعري في مسقط ٢٠٢٣ م.
– تأهل إلى (شاعر عكاظ) 2019م بالمملكة العربية السعودية.
– له أكثر من لقاء تلفزيوني وإذاعي.
– حكّم مسابقات شعرية مختلفة على مستوى السلطنة.
– نشر الكثير من القصائد في الصحف المحلية والعربية.
– شارك في أمسيات عدة على المستوى المحلي، والمستوى الخليجي.
– شارك في الأسبوع الثقافي في بغداد ٢٠٢٢ م.
* مختارات من شعره :
==============
يقول شاعرنا محمد العبري في قصيدته تحت عنوان ( عَزْفٌ فِي شَبَابِيكِ الْأَمَانِ ) :
آتٍ لِيُشْعِلَ فِي الظَّلَامِ شُمُوعَا
وَإِلَى الْقَصِيدَةِ نَبْضَهُ الْمَطْبُوعَا
آتٍ لِيُسْرِجَ قَلْبَهُ وَأَكُفَّهُ
لِلْقَابِعِينَ تَشَتُّتًا وَدُمُوعَا
وَمَضَى بِسَيْلِ الْبَائِسِينَ مَظّلَّةً
وَسَرَى بِآذَانِ الشَّقَاءِ خُشُوعَا
ذَابَتْ أَصَابِعُهُ فَتِلْكَ هَدِيَّةٌ
لِلْأَرْضِ حِيْنَ تَفَجَّرَتْ يَنْبُوْعَا
أَلْقَى بِظَهْرِ الْغَيْبِ كُلَّ حَيَائِهِ
مَا كَانَ صَوْتًا هَادِرًا مَسْمُوعَا
مُتَفَلِّتًا مِنْ رُوحِهِ فَكَأنَّهَا
كَانَتْ لِرُوحِ الْعَالَمِينَ ضُلُوعَا
لَمْ يَنْتَبِهْ كُلُّ الْمَلَاْمِحِ صَفْحَةٌ
زَرْقَاءُ فَاخْضَرَّتْ فَصَارَ رَبِيعَا
أَهْدَى الشُّهُورَ الذَّابِلَاتِ أَهِلَّةً
حَمْرَاءَ تَأْذَنُ لِلسَّحَابِ طُلُوعَا
مَا زَالَ يَعْزِفُ فِي شَبَابِيكِ الْأَمَاِ
نِ لِيُوْرِقُوا مَوَّالَهُ الْمَسْجُوعَا
مَاْ زَالَ يَغْرِسُ عُمْرَهُ فِيْ طِيْنِهِمْ
قَمْحًا فَيُذْهِبُ خَوْفَهُمْ وَالْجُوعَا
صَلَّتْ عَلَيْهِ الرِّيْحُ لَمَّا أَكْمَلَتْ
مِيْلَادَهَا حَتَّى اسْتَحَالَ يَسُوعَا
مُتَجَرِّدٌ مِنْ ذَاتِهِ كَيْ يُؤْمِنُوا
بِالْمَاءِ وَالْمُسْتَمْطِرِينَ جَمِيعَا ٠
***
و يقول في قصيدة أخرى بعنوان ( عَمِيقٌ كَتَنْهِيدَةِ الْعِشْقِ ) :
إِلَيْكَ تَخُبُّ عِتَاقُ المَطَايَا
تُسَرِّحُ مَعْنًى وَتَعْزِفُ نَايَا
تَمُرُّ كَأُغْنِيِةٍ مِنْ جُنُونٍ
تَلَقَّفَهَا الْقَلْبُ فَانْصَبَّ آيَا
هُوَ الْحُبُّ أَنْ تَسْكَرَ الرُّوحُ فِيهِ
بَيَانًا وَتُسْكِنَهُ فِي الْحَنَايَا
أُخَبِّئُ فِيهَا اشْتِهَاءَ الْخُلُودِ
فَيَهْطُلُ وَحْيًا ضَجِيجُ الْخَلَايَا
عَمِيقٌ كَتَنْهِيدَةِ الْعِشْقِ لَمَّا
يُعَلِّمُهُ الْغَيْبُ أَيْنَ مَدَايَ
يَقُولُ اتَّخِذنِي سَنًى عَرَبِيًّا
لِتَقْرَأَنِي فِي انْعِكَاسِ الْمَرَايَا
وَتُوقِدَنِي مِشْعَلًا أَبَدِيًّا
لِأَنِّي أُضِيءُ صَلَاةَ الْبَرَايَا
تَشَظَّى مَدَارُ اللُّغَاتِ فَجِئْتُ
أُلَمْلِمُ بِالسِّحْرِ هَذِي الشَّظَايَا
كَأَنِّيَ هَارُونُ إِذْ قَالَ مُوسَى
لَهُ قٌمْ لِفِرْعَوْنَ ضَاقَتْ عَصَايَ
فَكَمْ بُحْتُ حَتَّى رَوَتْنِي الصَّحَارِي
نَخِيْلًا وَكَمْ أَنْبَتَتْ فِي سَمَايَ
وَكَمْ جُنَّ عِنْدَ التَّجَلِّيْ تَقِيٌّ
يُرَاوِدُهُ بِالْجَمَالِ صِبَايَ
تَكَنَّفَنِي اللَّهُ ثُمَّ اصْطَفَانِي
لِسَانًا إِلَى الْحَقِّ عَذْبًا هُدَايَ
وَبِي سَارَ جِبْرِيلُ وَالْأَنْبِيَاءُ
يَسِيلُونَ كَالْمَاءِ فَوْقَ خُطَايَ
فَيَا صَاحِبَ النِّيلِ مَا الْبَحْرُ إِلَّا
قَلِيلُ مِدَادِي وَبَعْضُ حَشَايَ
أَنَا الْخُلْدُ وَالشَّهْدُ وَالْعُمْرُ وَالشِّعْ
رُ وَالْمُشْتَهَى وَاكْتِمَالُ السَّجَايَا
أَنَا لُغَةُ اللَّهِ فَادْخُلْ بِبَابِي
وَصَلِّ فَكُلُّ الْجِهَاتِ صَدَايَ ٠
***
و نختم لشاعرنا العُماني محمد العبري بهذه القصيدة الرائعة التي ينشدها بين أحضان موطنه حيث نشأته في ولاية (الرستاق ) و ما أدراك ما الرستاق و كيف تمثل للشاعر مصدرا للحب و الجمال و الوطن و الذكريات فيطوف بنا من خلال رحلته مع هذا الوادي يختصر لنا المشاهد و المواقف :
و من موطنه الجميل ( الرستاق ) يلقي إلينا بموال الجمال الذي يختصر الطبيعة و الحياة بعذب الكلمات التي تهز المشاعر في تلاقي فيقول فيها:
(طهر البياض)
طُفْ بالنَّخيلِ وعَانِقْ جِذْعَها جَذَلا
يَسَّاقَطِّ الحُبُّ مِنْ أَعْذَاقِها عَسَلا
المُلْقِياتُ على طُهْرِ البَياضِ جَنًى
أَغْرَتْ بِهِ السُّحْبَ حتَّى أَمْطَرتْ قُبَلا
تَمُدُّ لِلشَّمْس كَفًّا فَانْثَنَتْ شَغَفًا
بِهَا لِتُلْبِسَـهَا خُوْصَ التُّقى شُعَلا
وَسِرْ لِتُدْرِكَ نَبْضَ المَاءِ فِي فَلَجٍ
خَرِيرُهُ شَاعِرٌ أَوْحَى بِمَا حَمَلا
لا نَجْمَ يَرْقُبُهُ العَرَّافُ في لُغَتِي
وَإِنَّمَا الوَحْيُ فَيّاضٌ إذا هَطَلا
مَضَيْتُ أَحْمِلُ هذَا الطِّـينَ بَوْصَلَةً
وَكَانَ يُدْهِشُني فِي حِلْمـِهِ، فَتَلا
هُنَا تَفَيَّأَ ظِلَّ اللّٰهِ مِنْ أَزَلٍ
قَلْبُ الهُدَاةِ فَظَلُّوا لِلْهُدَى جَبَلا
وَكَانَ فِي الرِّيحِ صَوْتُ الْعَابِرِينَ بِهِ
إٌلَى الشَّيَاطِينِ حَيْثُ المَجْدُ زَادَ عُلَا
ثُمَّ اسْتَقَامَ وَرُوحُ الْعِلْمِ تُبْلِغُهُ
فَضِيلَةَ الْحَقِّ حَتَّى جَلَّ وَاكْتَمَلَا
هُنَا سَتُطْلِعُنِي الرُّسْتَاقُ رُوحَ أَبِي
وَوَجْهَ طِفْلِي فَيَا شَوْقِي لِأنْ يَصِلَا
أَكَادُ أَجْزمُ أَنَّ الْأَرْضَ مَا خُلِـــــــقَتْ
إِلَّا عَلَيْهَا جَمَالاً يَبْهَرُ المُقَلَا
لَا شَيْءَ كَالطِّينِ يُفْنِي الْعُمْـرَ ذَاكِرَةً
لِلْحَالِمِينَ وَيُغْرِي فِيهِمُ الْأَمَلَا
فَكَمْ أُحَاوِلُ رَسْمَ النَّايِ فِي شَفَتِي
لَحْنًا بَدِيعًا وَمِيلَادًا وَمُدَّخَلَا
فَتَعْجَزُ الشَّفَةُ الحُبْلَى بِعَاطِفَةٍ
رَغْمَ التَّمَاهِي وَقِنْدِيلُ الْهَوَى اشْتَعَلَا
تَحِيَّةٌ مِلْءَ هَذَا الْكَوْنِ تَصْعَدُ بِي
إِلَى السَّمَاءِ مَقَامَاتٍ لِمَنْ نَزَلَا ٠
و في نهاية المطاف بعد التأملات السريعة و القراءة المتوالية لإنتاج هذا الشاعر المطبوع كلمةً و إلقاءً إنه ( محمد العبري ) الذي له صدى في خريطة الإبداع العربي و مدى ارتباطه بين السلطنة و الرافدين في ثقافة و دراسة و اختلاط مع الشعر و الشعراء في اللقاءات المتعددة في إطار حركة الإبداع الفني و التي بلورت عمق هذا الاتجاه الأدبي في تواصل دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي إن شاء الله ٠

موافقة
رفض
إرسال