ترك مكة موطنه ومسقط رأسه
ترك مكة موطنه ومسقط رأسه
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 30 أكتوبر 2024
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما مزيدا، أما بعد في سبيل هذه الدعوة إلى الله عز وجل واجه النبي صلى الله عليه وسلم أشد الأذى، وقد عزم النبي صلى الله عليه وسلم على ترك مكة موطنه ومسقط رأسه متجها إلى المدينة المنورة من أجل هذه الدعوة، قال سيد قطب لقد كانوا يمكرون ليوثقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحبسوه حتى يموت، أو ليقتلوه ويتخلصوا منه، أو ليخرجوه من مكة منفيا مطرودا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان صاحب همة عالية، فواجه هذا التحدي بثقته بالله عز وجل “فيا للثقة العظمى تنسكب في حنايا نفس الرسول الكريم.
ويا للتأييد الرباني المطلق الذي ما بعده من تأييد ” إن الله معنا” فأي قوة تثبت أمام الرسول الكريم وقوة الله معه؟ وأي تدبير يقف في وجهه وعناية الله تحوطه وتصونه وترعاه؟ ويا للسكينة تغشى نفس الرسول صلى الله عليه وسلم المطمئنة بنصر الله فإذا هي تمضي في الطريق الوعر، وكلها ثقة بهذا النصر، مهما اشتدت وعورة الطريق” وصبر صلى الله عليه وسلم على أذى المشركين في مكة، وما لاقاه هو وأصحابه من صنوف العذاب والتضييق، ثم عفوه عنهم ومغفرته لهم لما أظهره الله عليهم، وتألف قلوبهم على الإسلام، وخير دليل على علو همته التي تحجز النفس عن أن تشفي غيظها، وأن تنتقم لما حصل لها إبان الضعف وعدم القدرة، ولكنه كان القدوة في امتثال أمر الله عز وجل وكان القدوة في همته وعزيمته الصالحة القوية.
ومما يبين لنا قوة إرادته صلى الله عليه وسلم وعزمه على تبليغ الدعوة سيرته التي تحفل بمواقف كلها تدل على الهمة العالية والتوكل على الله عز وجل من غير جزع، أو عجز، أو تشك، فلقد حاول كفار قريش أن يثنوه صلى الله عليه وسلم عن إرادته وعزيمته القوية بأسلوبين، أولها الإيذاء والتعذيب، وثانيهما هو الإغراء وتقديم التنازلات، وفي الأسلوب الأول تفننوا وجاءوا بكل ما دلتهم عليه أفكارهم الشيطانية، فتارة بالسب واتهامه بالسحر والجنون والكذب والإفتراء، وتارة بتسليط السفهاء عليه يؤذونه بإلقاء القذر عليه، وتارة في التضييق والمنع، وتارة في محاربته نفسيا وتحطيم معنوياته صلى الله عليه وسلم، فقد تفننوا في إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يراعوا فيه قرابة، وتخطوا حدود الإنسانية، فلم تصرفه صلى الله عليه وسلم الإغراءات ولا العروض.
ولا الملذات ولا الشهوات عن همه وهمته ومبتغاه ووجهته، بل ولا حتى المشاق والأتعاب والتهديدات والترهيب والتخويف، بل كان رابط الجأش، رافع الهامة، قوي العبارة خالصا مخلصا لله تعالى، عاش صلى الله عليه وسلم يريد وجه الله، همه إرضاء الله تعالى وخدمة دينه، وتبليغ شريعته إلى الخلق، لإنقاذهم من ظلمات الكفر والجهل في الدنيا، ودركات جهنم في الآخرة، فلم يصرفه عن هذا الهدف صارف، ولم يعقه عن تحقيقه عائق، فاللهم إنا نشهد بأننا نحبك ونحب نبيك صلى الله عليه وسلم، فاللهم ارزقنا إتباعه والتأسي به والاقتداء بهديه، الله لا تحرمنا شفاعته يوم العرض عليك، اللهم اجعلنا من زمرته، واجعلنا من أنصار دينه، الداعين إلى سنته المتسكين بشرعه، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد..
تابعنا على جوجل نيوز