بشائر الرفعة لدين الله سبحانه
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله أحاط بكل شيء خبرا، وجعل لكل شيء قدرا، وأسبغ على الخلائق من حفظه سترا، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله إلى الناس كافة عذرا ونذرا صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، أخلد الله لهم ذكرا وأعظم لهم أجرا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين ثم أما بعد لقد قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب يا رسول الله، إن قريشا جاءت ومعها فلول العرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “أوتحزبوا؟” قيل نعم، قال “إذن أبشروا بنصر الله” وكأن النبي صلى الله عليه وسلم يبين لنا القانون الإلهي أنه إذا تحزب أعداء الله ضد دين الله والمسلمين، واتخذ المسلمون من الأسباب ما يواجهون به هذا التحزب، أكرمهم الله بالنصر المبين.
ودحر عدو الإسلام والمسلمين وهذا مصداق قوله تعالى كما جاء في سورة الأنفال ” فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمي وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم ” والنصر يأتي بالإخلاص والصدق مع الله تعالي ذلك أن الإخلاص سر عظيم بين العبد وربه لا يطلع عليه نبي مرسل فيعرفه ولا ملك مقرب فيكتبه جعله الله سبيلا للنجاة وطريقا للفلاح وسببا للنصر والتأييد وحرزا من كيد الشيطان وشرطا لقبول الأعمال، وإن من مبشرات النصر هو البشارة بظهور الدين، حيث قال الله تعالى “هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون” وكما قال تعالى “إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون” وكما قال تعالى “ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون”
وقال تعالى ” كتب الله لأغلبن أنا و رسلي إن الله قوي عزيز” وقال النبي صلى الله عليه و سلم ” ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار حتى ما يبقى بيت مدر ولا وبر إلا دخله هذا الدين بعز عزيز أو بذلّ ذليل ” رواه الحاكم، فهذه نصوص قاطعة بأن الغالب هو دين الله تعالى والواعد بذلك هو الله تعالى ورسوله صلى الله عليه و سلم، ومن أصدق من الله حديثا وقيلا، وقال شيخ الإسلام ابن كثير رحمه الله “وهكذا و قع وعمّ هذا الدين، وغلب وعلا على سائر الأديان في مشارق الأرض ومغاربها، وعلت كلمته في زمن الصحابة ومن بعدهم، وذلت لهم سائر البلاد، ودان لهم جميع أهلها وصار الناس إما مؤمن داخل في الدين، وإما مهادن باذل الطاعة والمال وإما محارب خائف وجل من سطوة الإسلام و أهله” وهذا لا يعني كونه وقع في زمن الصحابة أنه لا يقع.
بل سيقع و يعود ما وعد الله لأن هذا الوعد مرتبط بالدين وملازم له، وسيتحقق ذلك، والله لا يخلف الميعاد فكيف إذا كان الميعاد نصر دينه وإعلاء كلمته التي رضيها هي الدين لا سواه “إن الدين عند الله الإسلام” فمهما طال مقام الكافر ومهما إستطال شره وضره ومهما كيد بالمسلمين، و مهما نّكل بهم فإن الغلبة لدين الله تعالى وعدا من الله حقا وصدقا، وهذا سيحدث لا محالة فلا نستعجلن الأمور ولا نسابق الأحداث، وقال النبي المصطفي صلى الله عليه و سلم ” لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم و لا من خالفهم ” فهذه الطائفة قائمة إلى قيام الساعة والنصرة لهم والتأييد الإلهي معهم ولأعدائهم الخذلان المبين والهزيمة النكراء، وهذه الفرقة المنصورة من بواعث الأمل في نصرة الدين ومن بشائر الرفعة لدين الله سبحانه.
وكيف لا تكون من بواعث الأمل المتضمن بإذن الله تعالى بنصر دين الله تعالى نصرا مؤزرا وقد ذكر نبي الله صلى الله عليه و سلم الذي لا ينطق عن الهوى أنها دائمة وموجودة إلى قيام الساعة، ولكنه ضعف اليقين بموعود الله تعالى ورسوله المصطفي صلى الله عليه وسلم وتعلق القلوب بالماديات والظواهر، وأساس ذلك كله ضعف الإيمان بالغيبيات التي هي أصل الإيمان والله المستعان، فهل يجوز بعد هذا أن ييأس المسلمون من إكتناف نصر الله تعالى لعباده المؤمنين ؟ وهل يجوز أن تعظَّم قوة الكفر وجبروته ؟ وهل يجوز لنا أن نتخاذل عن البذل لدين الله تعالى ولو بأقل القليل ؟ وهل يجوز أن نعتقد خطأً أن هذه الطائفة لن تقوم أو أنها قامت ولن تعود ؟ فإنها أسئلة تفتقر إلى أجوبة فعلية لا قولية.
تابعنا على جوجل نيوز