اليد السفلى في أوطاننا

اليد السفلى في أوطاننا
اليد السفلى في أوطاننا
إن اليد السفلى قد كثرت في أوطاننا ويجب تحفيزها على الدوام لتكون عليا بالعطاء والعرق والعمل، فعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، وهو على المنبر، وذكر الصدقة والتعفف والمسألة “اليد العُليا خير من اليد السفلى، فاليد العليا هي المُنفقه، والسفلى هي السائلة” رواه البخاري، وطالب العفاف من ربه بنية صادقة سيغنيه الله بيقينه، وقد جعل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم البديل للفقر والعوز في زمانه الشريف هو العمل، وذاك ما يتصوره الناس أنه أحقر وأشق المهن الاحتطاب، وعن الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه، فقال صلى الله عليه وسلم ” لأن يأخذ أحدكم حبلة فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه” رواه البخاري، فعلى الشاب أن يبدأ مسيرة العمل بما تيسر له.
وأن لا يأنف من أي عمل يبدأ به والله يعينه وسيوفقه إلى عمل أرقى ومنزلة أسمى طالما بدأ، فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه “لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ثم يسأل الله تعالى فإن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة” بل كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يجعل العمل حلا دائما لمشكلة البطالة والحاجة، واستخدم صلى الله عليه وسلم طريقة المزاد الحديثة المعروفة على بعض مما يملك هذا الصحابي ليشتري به أدوات إنتاجه، فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، قال “أن رجلا من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله فقال أما في بيتك شيء؟ قال بلى حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه من الماء قال ائتني بهما قال فأتاه بهما فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال من يشتري هذين؟ قال رجل أنا آخذهما بدرهم قال من يزيد على درهم؟
مرتين أو ثلاثا قال رجل أنا آخذهما بدرهمين فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصاري وقال اشتري بأحدهما طعاما فانبذه إلى أهلك واشتري بالآخر قدوما فأتني به فأتاه به فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودا بيده ثم قال له اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوما فذهب الرجل يحتطب ويبيع فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة لذي فقر مُدقع أو لذي غُرم مُفظع أو لذي دم مُوجع ” رواه أبي داود، ويرسخ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مبدأ ضرورة العمل وأنه باب المغفرة ويوجه أصحابه إلى ذلك قائلا “من أمسى كالا من عمل يده بات مغفورا له” رواه الطبراني.
ويؤسس هذه القاعدة الجليلة في المكاسب بقوله صلى الله عليه وسلم “أطيب ما أكل المؤمن من عمل يده” بل جعل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في العمل نوعا من أنواع الجهاد في سبيل الله تعالى، فعن كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه قال “مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلده ونشاطه فقالوا يا رسول الله لو كان هذا في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان” وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة المجتمع كله في العمل، لا يأنف من أي عمل يدوي يقوم به ما دام مشروعا وذلك في زمان قد أنف فيه كثير من الأحرار أن يعملوا لأن ذلك حرف العبيد لديهم.
اليد السفلى في أوطاننا