اليد أمانة والرجل أمانة
اليد أمانة والرجل أمانة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي خلص قلوب عباده المتقين من ظلم الشهوات، وأخلص عقولهم عن ظلم الشبهات أحمده حمد من رأى آيات قدرته الباهرة، وبراهين عظمته القاهرة، وأشكره شكر من اعترف بمجده وكماله، واغترف من بحر جوده وأفضاله، وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرضين والسماوات، شهادة تقود قائلها إلى الجنات، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، والمبعوث إلى كافة البريات، بالآيات المعجزات، والمنعوت بأشرف الخلال الزاكيات صلى الله عليه، وعلى آله الأئمة الهداة، وأصحابه الفضلاء الثقات، وعلى أتباعهم بإحسان، وسلم كثيرا، ثم أما بعد لقد أمرنا الله سبحانه وتعالي بأداء الأمانات فقال كما جاء في سورة النساء ” إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها ”
وجاء في سبب نزول الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بمكة واطمأن الناس، خرج حتى جاء البيت، فطاف به، فلما قضى طوافه، دعا عثمان بن طلحة، ليأخذ منه المفتاح فاختبأ عثمان فوق الكعبة، فتبعه علىّ وأخذ منه المفتاح عنوة، وفتح الباب، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت وصلى فيه ركعتين، فقام إليه العباس، ومفتاح الكعبة في يده فقال يا رسول الله، اجمع لنا الحجابة مع السقاية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أين عثمان بن طلحة؟ فدعي له، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًا أن يرد المفتاح إلى عثمان بن طلحة ويعتذر إليه، ففعل ذلك عليّ، فقال له “هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم بر ووفاء” فقال له عثمان يا عليّ أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق؟ فقال لقد أنزل الله في شأنك قرآنا وقرأ عليه هذه الآية.
وتكريما لشأن عثمان بن طلحه والمفتاح والأمانة، خصه صلى الله عليه وسلم وذريته من بعده بسدانة البيت والمفتاح فقال ” خذوها يا بني طلحه خالده تالده لا ينزعنها منكم إلا ظالم، يعني حجابة الكعبة ” ولما مات عثمان سلمه لابنه شيبه ومازال المفتاح حتى يومنا هذا في بني شيبة، بل إن النبي أخبر عثمان بن طلحة أن المفتاح يؤل إليه يضعه حيث شاء، وذلك لما منعه عثمان بن طلحة من دخول البيت قبل الهجرة، ولو سألنا الكثير ما هي الأمانة؟ لأجاب الجميع أنها رد الودائع والأمانات إلى أصحابها، وهذا فهم قاصر لمعنى الأمانة، فالأمانة ليست كما يعتقده كثير من الناس أنها تتعلق بالودائع وحفظ الأمتعة والأموال لحين عودة صاحبها ثم يردها له أو ينكرها، لكن الأمانة أشمل من ذلك وأعظم منه بكثير.
فالدين الذي منّ الله به عليكم أمانة في أعناقكم، جسدك أمانة، أبناؤك أمانة، زوجتك أمانة، مالك أمانة، وظيفتك وعملك أمانة، وطنك أمانة،كل ما يتعلق بك أمانة، والصلاة والصيام والزكاة والحج وغيرها من شعائر الدين أمانة، من فرط في شيء منها أو أخل به فهو مفرط فيما ائتمنه عليه ربه تبارك وتعالى البصر أمانة والسمع أمانة واليد أمانة والرجل أمانة، واللسان أمانة والفرج والبطن وغير ذلك أمانة عندك، فلا تأتي الحرام من قبل ذلك، وإلا أصبحت مفرطا فيما ائتمنت عليه، وإحذر أن تكون هذه الجوارح شاهدة عليك يوم القيامة إن فرطت فيها، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
تابعنا على جوجل نيوز