النهوض لمواساة الفقراء

النهوض لمواساة الفقراء
النهوض لمواساة الفقراء
إنه لو أصبحت علاقة الإنسان بهذه الحياة بصورة يكون معها طفيليا على الحياة تابعا لها ولمن في يده شيء منها، أصبحت الحياة له موتا وسموما، وحطمت كل ما في نفسه من المثل الإنسانية السامية، وإن بعض الفقهاء الكبار يقول إن الله فرض على أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم، فلو أن إنسانا أصابهم عسر شديد، وضيق شديد فإن جميع أهل البلدة آثمون، وإنسان مات بمرض عضال، ولا يملك ثمن العملية الجراحية، فإن أهل البلدة كلهم آثمون ،لأن فيهم موسرون، وأن إنسان مات جوعا أو مات مريضا، أو مات بسبب تقصير في ذات يده وهناك من بإمكانه أن يواسيه، أهل البلد كلهم آثمون، فإن المجتمع بأكمله يجب أن يتكفل بالفقراء، والأقرباء من جهة، والجيران من جهة، فإذا ضاق أهل القربى، و ضاق الجوار بمن يجاورونهم.
فعلى المجتمع قاطبة أن ينهض لمواساة الفقراء، وسد حاجتهم وإغنائهم، حيث تؤدى حاجاتهم الأساسية، وهذا هو الصحابى الجليل سعد بن الربيع، ذلك الأنصاري الذي وصف النبي عليه الصلاة والسلام حينما تفقده النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الغزوات، لم يجده فسأل عنه، فندب أحدهم أن يبحث عنه في أرض المعركة ووصل إليه فقال يا سعد أأنت مع الأحياء أم مع الأموات ؟ قال بل مع الأموات، أي أنا في النزع الأخير، فقال لقد بعثني النبي صلى الله عليه وسلم لأسأل عنك، قال أبلغه مني السلام، وقل له جزاك الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته وهو في النزع الأخير، و قل لأصحابه لا عذر لكم اليوم إذا خلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف، فهذا الصحابي الجليل سعد بن الربيع كان من أثرياء الأنصار حينما هاجر المهاجرون، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
أن يؤاخي كل أنصاري مهاجرا، فاختار من بين المهاجرين عبد الرحمن بن عوف، فقال له يا أخي دونك مالي فخذ نصفه، هكذا، المؤاخاة تعني أن يأخذ نصف ماله، ماذا قال عبد الرحمن بن عوف ؟ بارك الله لك في مالك، ولكن دلني عن السوق، وعن عروة بن الزبير عن السيدة عائشة رضي الله عنهما قال ” لقد رأيتها تصدق بسبعين ألفا و درعها مرقعة” أي ثوبها الخارجي مرقع، هكذا كانت السيدة عائشة رضي الله عنها، والإمام مالك يروي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن مسكينا سألها، وهي صائمة وليس في بيتها إلا رغيف فقالت لمولاة لها أعطه إياه، قالت ليس لك ما تفطرين عليه، فقالت أعطه إياه، هكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا رضي الله عنهم، و إذا شئتم أن يرضى الله عنا، وأن يمطرنا وأن يرزقنا وأن يحفظنا.
فلا بد من أن نطبق أمر النبي عليه الصلاة والسلام وأمر الله عز وجل حيث قال فى سورة الإسراء ” وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا” فإن الإسلام إذا مثلناه بشجرة وارفة الظلال يانعة الأثمار، فأنت إذن لن تستمتع بظل الإسلام و لن تستطيع أن تقطف من ثماره اليانعة، إلا إذا جئت إليه، فهو لن يأتي إليك، فظل هذه الشجرة لن يأتي إليك، ولن تستطيع أن تبقى في مكانك وعلى مخالفاتك وعلى أنماط حياتك على المعاصي وعلى التقصير وأن تقول لظل الإسلام تعالى إليّ لأستظل بظلك فهذا كلام غير مقبول فإنها شجرة وارفة الظلال يانعة الثمار لن تستطيع أن تستظل بظلها وأن تحتمي بها، وأن تقطف من ثمارها إلا إذا أتيت إليها، إلا إذا جئت إلى هذه الشجرة، أي إلا إذا طبقت تعاليمه، أما هذا الذي يطمع أن يأتيه الظل إليه، وأن يقطف الثمار.
وتأتي إليه وهو بعيد عن هذه الشجرة فهذا حلم جاهل ضيق الأفق، عديم النظر، فإن الإسلام إذا كان شجرة يانعة الظلال وارفة الثمار لن تستطيع أن تستظل بظلها، ولن تستطيع أن تقطف ثمارها إلا إذا جئت إليها مطبقا تعاليمها.
النهوض لمواساة الفقراء