
القاتل قتل خطأ بين الدية والكفارة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 23 ديسمبر 2024
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد إن القتل الخطأ هو أن يفعل ما لا يريد به المقتول فيفضي إلى قتله أو يتسبب في قتله كأن يصدمه بسيارة دون قصد، والواجب على القاتل قتل خطأ الدية والكفارة، والكفارة هي صيام شهرين متتابعين إن لم يجد الرقبة لقوله تعالى كما جاء في سورة النساء “ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة” إلى قوله تعالى ” فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما” والدية هنا على عاقلة القاتل ومقدارها ألف مثقال من الذهب أو إثنا عشر ألف درهم أو مائة من الإبل، عشرون بنت مخاض وعشرون إبن مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة، هذا والله أعلم.
وقد إختلف أهل العلم في تعريف الدية، وهي إلزامية إذا وجبت ولا يجوز تخفيضها إلا برضا مستحقيها، وهي في الخطأ على عاقلة الجاني وتدفع عن كل نفس ومقدارها مائة من الإبل على أهل البوادي وإثنا عشر ألف درهم من الفضة أو ألف دينار من الذهب على أهل المدن ويمكن التوصل إلى مقدارها بعملة البلد بالسؤال عن قيمة الإبل أو الذهب أو الفضة، وإن حوادث السير إذا لم يخالف السائق فيها قوانين المرور فإن ما يحصل منها يكون هدرا ولا تعويض فيه، وإن الدية قد إختلف العلماء في تعريفها، فعرفها بعض الحنفية بأنها إسم للمال الذي هو بدل النفس، ومثله ما ذكر في كتب المالكية، حيث قالوا في تعريفها هي مال يجب بقتل آدمي حر عوضا عن دمه، وقال الشافعية هي المال الواجب بالجناية على الحر في نفس أو فيما دونها.
وقال الحنابلة إنها المال المؤدى إلى مجني عليه أو وليه أو وارثه بسبب جناية، وإن الأصل في الدية هو الإبل فيمكنك أن تعرف قدرها بعملة البلد الذي أنت فيه بالسؤال عن قيمة الإبل، والدية إذا وجبت فإنها تدفع عن كل نفس، وهي إلزامية ولا يجوز تخفيضها إلا برضا من يرثها بشرط أن يكون بالغا رشيدا، وتتحملها في الخطأ عائلة الجاني، ويكون عليه هو أن يعتق رقبة فإن لم يجد فعليه أن يصوم شهرين متتابعين والكفارة واجبة عن كل نفس، والواجب في الجناية على الجنين إذا تبين فيه خلق إنسان غرة عبد أو أمة لما في الصحيحين أن أبا هريرة رضي الله عنه قال اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فإختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها عبد أو وليدة، وهذه الغرة قيمتها عشر دية أم الجنين وعشر ديتها خمس من الإبل.
أو خمسون دينارا من الذهب أو ألف ومائتا درهم من الفضة، وقد إختلف العلماء فيما إذا كان على الجاني في الجنين كفارة بصيام شهرين متتابعين أم لا، والراجح عدم وجوب الكفارة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر كفارة في الحديث المتقدم، ومحل وجوب الغرة فيه هو ما إذا مات في بطن الأم، أما إذا ألقته حيا ومات بعد ذلك أو أخرج من بطنها وهو حي ثم مات وتبين أن الموت الحاصل كان بسبب الحادث فإن الواجب فيه هو دية كاملة وكفارة، أولا من تسبب في حادث وأدى إلى وفاة شخص فعليه الدية والكفارة وهذا القتل يسميه العلماء بالقتل الخطأ” فاللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أعلنا وما أسررنا وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.