الفجوة
بقلم / محمد سعد شاهين
في المدينة الواحدة، تحت سماء واحدة يعيش أناس في عوالم مختلفة تماماً. فبينما يتجول البعض في شوارع مبهرة، يبحث آخرون عن لقمة عيشهم في زوايا مظلمة.
خطوط فاصلة غير مرئية تقسم المدينة إلى قسمين: قسم من الزجاج الشفاف، حيث تتلألأ الأضواء وتزدان الحوائط، وقسم من الحجر الصلب، حيث تتراكم الأوجاع وتتلاشى الأحلام.
هى نفس العملة، ولكن بوجوه مختلفة. فبينما يحملها البعض كرمز للثروة والسلطة، يحملها آخرون كعبء ثقيل على أكتافهم.
السلم الاجتماعي كالسراب، يلوح في الأفق ولكنه يتلاشى كلما اقتربنا منه. فالحواجز بين الطبقات تبدو صلبة كالجبال، يصعب على الفقراء تخطيها.
الأحلام تطير عالياً، ولكن الواقع يربطها بالأرض. فكثيرون يحلمون بتغيير حياتهم، ولكن القيود المادية والاجتماعية تمنعهم من تحقيق ذلك.
في كل زاوية من المدينة، هناك قصة تروي معاناة الفقراء وكفاحهم من أجل البقاء. قصص تبعث على الحزن والأمل في آن واحد.
أطفال يبحثون عن رزقهم في الشوارع، لا يعرفون معنى الطفولة الحقيقية.
شباب يبحثون عن عمل، ولكن الأبواب مغلقة في وجوههم. عجائز يتسولون في الشوارع، بعد أن قضوا حياتهم في العمل، دون أن يستطيعوا تأمين يوماً واحداً لهم من مرتبهم طوال فترة عملهم.
امتصت الحياة كل ما كسبوه كما امتصت زهرة شبابهم وحيويتهم.
تتراقص أرواحنا على مسرح الحياة، فمنهم من يرتوي من ينابيع الذهب، وآخرون يقتاتون على فتات السماء. ففي خضم هذا التباين، تتجلى معضلة الوجود الإنساني؛ فهل القيمة تكمن في الكم أم في الكيف؟ وهل السعادة رهينة الثراء أم في رضا النفس؟ أسئلة تداعب العقل وتثير القلوب، فبين قصور الذهب وأكواخ الطين، تظل القلوب تبحث عن ذات المعنى، وتتوق إلى عدالة السماء.
تابعنا على جوجل نيوز