مقالات

العمال وتصنيفهم

عاشور كرم 

اليوم زكري الاحتفال بعيد العمال فالعامل هو الشخص الذي يعمل ويؤدي نشاط يدوي ويأخذ عادة أجراً مادياً أو معنوياً على عملهِ في المنشأة أو المشروع الاقتصادي، نظير خدماته المهنية فهو ينتمي إلي طبقة اجتماعية-مهنية تختلف الآراء حول تحديد طبيعتها ودورها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي فتعرف أحيانا على أنها طرف أساسي من أطراف علاقات الإنتاج لا يمكن فهمه إلا من خلال فهم طبيعة النظام الرأسمالي الذي أفرزها وفي أحيان أخرى تعرف على أنها مجرد عامل اجتماعي أو فئة اجتماعية تتميز بصفات ثقافية واقتصادية ومهنية مشتركةوفي حين يركز الماركسيون على التعريف الأول فإن المدارس الليبرالية والرأسمالية تركز على التعريف الثاني محاولة تحجيم الدور السياسي للعمال غير معترفة بأي دور سياسي أو تاريخي لهم ويمكن توزيع العمال من حيث كونهم فئة اجتماعية إلى عدة فئات وشرائح خاصة وأجزاء مستقلة ومحاولات تصنيفهم التي يمكن القيام بها انطلاقا من معايير متنوعة لا تخلو من فائدة لأنها تتيح الإحاطة بشبكة العلاقات الاجتماعية وعمليات الانتقال (هبوطا أو صعودا) من طبقة إلى أخرى وهكذا فإنه يمكن تقسيم العمال من حيث قطاعات نشاطهم إلى عمال صناعيين وعمال زراعيين. وإلى عمال منتجين لسلع إنتاجية ومنتجين لسلع استهلاكية وكما يمكن تقسيمهم من حيث تأهيلهم فالبريطانيون يميزون في لغتهم من آدم سميث بين المهنيين والمتخصصين (بالإنجليزية: Skillful Labor)‏و العمال اليدويين (بالإنجليزية: Common Labor)‏. وأما الفرنسيون فإنهم يقسمون منذ بارودي (بالإنجليزية: Croiza Parodi)‏العمال إلى محترفين أو مهنيين وهم تلك الطائفة من العمال ذوي التأهيل الكامل والعمل المعقد وإلى عمال متخصصين وهم أولئك الذين تلقوا إعدادا سريعا ولا يختلف عملهم عن العمل البسيط إلا قليلا وأخير إلى عمال يدويين وهم أولئك الذين لا يملكون أي إعداد ويقوم أداؤهم أساسا على استخدام قواهم البدنية وأما الألمان وكارل ماركس تحديدا فإنهم يستخدمون تصنيفات شبيهة فهذا الأخير يميز بين الذي يشرفون على أوالية المصنع فيتولون مثلا الصيانة الضرورية بين شغيلة الماكينات أما حين ينظر إلى العمال من حيث أعدادهم وتأهيلهم فإنه يميز بين العمل البسيط والعمل المعقد أو بين العمال المهرة والعمال غير المهرة، وهم يتميزون بصورة تابعة لأهمية كلفة التأهيل التي تستدعيها وتجسمها قوة عملهم غير أن ثمة تصنيف آخر تابع لنمط تدخل العامل في سياق الإنتاج الماركسيون يميزون في هذا الصدد بين العمل الذهني والعمل اليديوي ويعتبرون أن الأول هو ذلك الذي يحول القوى الذهنية أو الفكرية للإنتاج إلى سلطات رأسمال المال على العمل. وهناك تصنيف يميز بين العامل الكامل أي ذلك الذي يستطيع التدخل إبان كامل سياق الإنتاج، والعامل المحدود (الفرنسيون يقولون الجزئي) الذي يتولى لحظة محددة من لحظات سياق الإنتاج، شأن العمال الذين يعملون على السلسلة في الإنتاج المنمط، بحيث أن جسدهم كله يتحول إلى أداة أوتوماتيكية تستجيب لعملية بسيطة واحدة وحيدة تنفذ طيلة فترة العمل وهناك إلى ذلك تصنيفات أخرى تقوم على التمييز بين الطبقات العمالية القديمة والطبقات العمالة الجديدة أو بين عمال الصناعات المسلسلة وعمال الورش أو بين الشغيل الأولي والشغيل الثانوي أما بالنسبة للذين يسندون تصنيفاتهم إلى أوضاع العمال فإن هناك التصنيف الذي يميز بين العمال العاملين والعاطلين عن العمل وبين العمال الفعليين وبين احتياطي العمل الذي يشمل فائض اليد العاملة أو تلك التي هي قيد الإعداد أو حتى البروليتاريا الرثة و هناك أخيرا تصنيفات تستند إلى معايير اقتصادية وتميز بين العمال المنتجين والعمال غير المنتجين فإن أولئك الذين يقومون بعمل نافع لكن غير إنتاجي مثل العاملين في التسويق والتداول وبطبيعة الحال فإن هذه التمييزات المتنوعة تنم في النهاية عن تعدد الزوايا التي يمكن أن ينظر لتقسيم العمل من خلالها وإذا ما اقتصرت نظرة المتفحص على العمل نفسه فإن تقسيم العمل يصبح مرادفا لتوزع العمل الاجتماعي على فروع كبيرة عدة (كالصناعة والزراعة) تعود فتتوزع بدورها على اقسام فرعية إلا أن هناك كذلك تقسيم العمل داخل المصنع أو المحترف أو ما يطلق عليه اسم العمل ((بالمفرق)) أو العمل التفصيلي وغير أنه لا بد من الإشارة إلى أن تطور القوى المنتجة يغير من أبعاد المجموعة العمالية ويغير تركيبها الداخلي وكما حدث مع الانتقال من العمل اليديوي إلى عصر الآلة وهناك تحولات أخرى طرأت بالأمس نتيجة إدخال التايلورية والفوردية أي نتيجة التفتيت العلمي للسياق الإنتاجي إلى أقصى حد ممكن بحيث يتولى فيه العامل لحظة واحدة من لحظاته كما تقدم وتحولات تطرأ اليوم نتيجة الثورة العلمية والتقنية

وأخيرا اختتم حديثي بأن
واليوم نحتفل بيوم العمال في عيدهم وهو ما خصصته الدولة كعطلة رسمية وقامت بتكريمهم وتكريم الكثير من القيادات
العمالية اعترافا بجهودهم من أجل الوطن وتقدمه ورفعته

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار