الصيام والإستغفار

الصيام والإستغفار
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 17 مارس 2024
إن الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه وتعالى على امتنانه ونشهد بأنه لا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وأن محمدا عبده ورسوله داع لرضوانه، وصلي اللهم عليه وعلى آله وخلانه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن شهر رمضان وعن الأحكام المتعلقه بالصلاة والصيام في شهر رمضان، وعن فوائد الإستغفار في رمضان وقد ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال “طوبى لمن وجد فى صحيفته يوم القيامة استغفارا كثيرة” ومن بركات الاستغفار نزول الأمطار، وتوالى الخيرات، وتعدد العطايا والهبات، وكلكم يعلم تأخر نزول المطر عن إبّان وقته، مما سبب جفافا فى الأرض، وهلاكا فى الماشية، وتأثرا فى الزروع.
فأقبلوا على الله عز وجل تائبين إليه، مستغفرين من كل ذنب وخطيئة، لعل الله عز وجل أن يتغمدنا جميعا برحمته، ويوسع علينا بمنة وفضله وعطائه، فإن شهر هذه خصائصه وفضائله حرى بنا أن نستغل أيامه ولياليه بل ساعاته ولحظاته، فإنه شهر هذه هبات الله فيه بماذا نستغله ؟ هل بالسهر واللهو وضياع الأوقات ؟ كلا والله، فاعلموا أن الله غني عنا وعن أعمالنا فهو تعالى الغني عما سواه” يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد” ولكنه سبحانه شرع العبادة لصالحكم أيها المسلمون ومن أعظمها الصيام فقد شرعه تربية لأجسامكم وترويضا لها على الصبر وتحمل الآلام، شرعه تقويما للأخلاق وتهذيبا للنفوس وتعويدا لها على ترك الشهوات ومجانبة المنهيات، شرعه ليبلوكم أيكم أحسن عملا، شرعه وسيلة عظمى لتقواه.
فقال تعالى “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب إلى الذين من قبلكم لعلكم تتقون” فاتقوا الله أيها الناس وأدوا فريضة الصيام بإخلاص وطواعية، أدوا هذه الفريضة واحفظوها مما يشينها، فالصوم الحقيقى ليس مجرد الإمساك عن الأكل والشرب والاستمتاع ولكنه مع ذلكم إمساك وكف عن اللغو والرفث والصخب والجدال فى غير الحق، وكف عن الكذب والبهتان والهمز واللمز والأيمان الكاذبة، إمسـاك عن السباب وعن قذف المحصنات، إمساك وكف عما لا يحل سماعه من لهو وغيبة وغيرهما، إمساك عن إرسال النظر إلى ما لا يحل، فالصائم حقيقة من خاف الله فى عينيه فلم ينظر بهما نظرة محرمة، واتقى ربه في لسانه فكف عن كل قول محرم، وخشيه في أذنيه فلم يسمع بهما منكر، وخشيه في يديه.
فمنعهما من سرقة وغصب وغش وإيذاء، وخشيه في رجليه فلم يمش بهما إلى حرام، وخشيه فى قلبه فطهره من الحقد والغل والحسد والبغضاء، فقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه ” إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار وليكن عليك سكينة ووقار ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء” إن المحروم حقا من يدرك مواسم الخير، ومواطن الفضل، وأماكن الفضيلة، فلا يغنم خيرها، ولا يحصل بركتها، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رمضان “لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم” هذا هو الحرمان حقا، أن يدرك العبد مواسم الخيرات وهو بصحة وعافية وأمن وأمان ورغد وهناءة عيش، ثم لا ينال مغفرة الذنوب، ولا ينال العتق من النار.