السعادة أمر لا يقاس بالكم ولا يشتري

السعادة أمر لا يقاس بالكم ولا يشتري
السعادة أمر لا يقاس بالكم ولا يشتري
إن السعادة ليست في وفرة المال ولا سطوة الجاه، ولا كثرة الولد، ولا حسن السياسة، السعادة أمر لا يقاس بالكم ولا يشترى بالدنانير، لا يملك بشر أن يعطيها، كما أنه لا يملك أن ينتزعها ممن أوتيها، والسعادة دين يتبعه عمل، ويصحبه حمل النفس على المكاره، وجبلها على تحمل المشاق والمتاعب، وتوطينها لملاقاة البلاء بالصبر، والشدائد بالجلد، والسعيد من آثر الباقي على الفاني، والسعادة هي الرضا بالله والقناعة بالمقسوم والثقة بالله واستمداد المعونة منه، من ذاق طعم الإيمان ذاق طعم السعادة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا ” رواه مسلم، ولذا فإن من أضاع نعمة الرضا، أصابه سُعار الحرص والجشع فهو يطمع ولا يقنع ويجمع ولا يدفع، يأكل كما تأكل الأنعام، ويشرب كما تشرب الهيم.
ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول ” من سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله، ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما قضى الله ” رواه الترمذى، ولقد كتب الفاروق إلى أبي موسى الأشعريى رضي الله عنهما يقول له “أما بعد، فإن الخير كله في الرضا، فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر” فلا تخشى غمّا ولا تشك هما، ولا يصبك قلق مادام أمرك متعلقا بقول الله جل وعلا في الحديث القدسي ” أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه ” رواه البخاري ومسلم، وبهذا الحديث وأمثاله بدت السعادة في وجوه السعداء، والتي يعبر عنها من أحس بنشوتها من أئمة الإسلام فيقول “إننا نحس بسعادة لو علم بها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بحد سيوفهم” فالسعادة التي يمثلها من يغدو في خمائلها ويقول .
“إنه لتمر علي ساعات أقول فيها لو كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه الآن لكانوا إذاً في عيش طيب” فإن أمثال هؤلاء هم الذين ابتسموا للحياة حينما كشرت عن أنيابها، واستقبلوا الآلام بالرضى والتسليم، اللذين يحولانها إلى نعمة تستحق الشكر والحمد، على حين أنها عند غيرهم مصائب تستوجب الصراخ والعويل، فإذا كانت السعادة شجرة منبتها النفس البشرية، فإن الإيمان بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، هو ماؤها وغذاؤها وهواؤها وضياؤها، فاتقوا الله واعلموا أن العلم الذي يبصر ويهدي، والهمة التي تحفز وترقي، إنما هما في الحقيقة مفتاحا مراتب السعادة والفلاح، وإنما تفوت هذه المراتب العبد من هاتين الجهتين أو من إحداهما، فإما أن لا يكون له علم بها، فلا يتحرك في طلبها، أو يكون علم بها ولا تنهض همته إليها.
ألا فاعلموا أن لفقدان السعادة أبوابا ينبغي إحكام إغلاقها وكشف عوراتها، فمن ذلك الغناء مزمار الشيطان، ورقية الزنا، الذي ينبت النفاق والقلق كما ينبت الماء الكلأ، كما أن من مهلكات السعادة، جعل البيت المسلم محلا لمردة الجن وبعد الملائكة، وذلك بنشر الصور التي حرمها الشارع على جدرانه وفي فنائه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول” لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب أو صورة ” فما بال الكثيرين يغلقون أبوابهم في وجوه الملائكة ويستدعون أسباب الشقاء والقلق ثم هم ينشدون السعادة بعد ذلك؟ فإن من أبواب الشقاء هى الذنوب والمعاصي التي قال عنها النبى صلى الله عليه وسلم ” إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه “رواه أحمد، وقد قال الإمام أحمد”وجد في خزائن بني أمية حنطة، الحبة بقدر نواة التمر وهي في صرة مكتوب عليها هذا كان ينبت في زمن العدل”
السعادة أمر لا يقاس بالكم ولا يشتري