دنيا ودين
الدكروري يكتب عن المقصود بكتابة مقادير الخلائق

بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لاند له ولا شبيه ولا كفء ولا مثل ولانظير وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه أرسله ربه رحة للعالمين وحجة على العباد أجمعين وصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ما ذكره الذاكرون الأبرار وما تعاقب الليل والنهار فهو صلى الله عليه وآله وسلم أفضل من صلى وصام ووقف بالمشاعر وطاف بالبيت الحرام فصلوات الله وسلامه عليه وعلى من تبعه بإحسان إلى يوم الدين ثم اما بعد إن المقصود بكتابة مقادير الخلائق فى ليلة القدر والله أعلم أنها تنقل فى ليلة القدر من اللوح المحفوظ.
فقال ابن عباس ” أن الرجل يُرى يفرش الفرش ويزرع الزرع وأنه لفى الأموات ” أى انه كتب فى ليلة القدر انه من الأموات، وقيل أن المعنى أن المقادير تبين في هذه الليلة للملائكة، ومعنى القدر، أى التعظيم، أى أنها ليلة ذات قدر، لهذه الخصائص التى اختصت بها، أو أن الذى يحييها يصير ذا قدر، وقيل القدر التضييق، ومعنى التضييق فيها إخفاؤها عن العلم بتعيينها، وقال الخليل بن أحمد إنما سميت ليلة القدر، لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة، من القدر وهو التضييق، وقد قال تعالى” وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه” أي ضيق عليه رزقه، وقيل القدر بمعنى القدر، وذلك أنه يُقدّر فيها أحكام السنة كما قال تعالى “فيها يفرق كل أمر حكيم” ولأن المقادير تقدر وتكتب فيها فسماها الله تعالى ليلة القدر.
وذلك لعظم قدرها وجلالة مكانتها عند الله ولكثرة مغفرة الذنوب وستر العيوب، فيها فهى ليلة المغفرة كما في الصحيحين عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال “من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” واه البخارى ومسلم، وقد خص الله تعالى هذه الليلة بخصائص منها أنه نزل فيها القرآن كما تقدّم، وقال ابن عباس وغيره أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأيضا من فضائلها وصفها بأنها خير من ألف شهر في قوله تعالى” ليلة القدر خير من ألف شهر” ووصفها بأنها مباركة في قوله تعالى” إنا أنزلنه في ليلة مباركة” وأنها تنزل فيها الملائكة، والروح”
أى يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحلق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيما له ” والروح هو جبريل عليه السلام وقد خصّه بالذكر لشرفه، وأيضا وصفها بأنها سلام أى سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا أو يعمل فيها أذى كما قاله مجاهد، وتكثر فيها السلامة من العقاب والعذاب بما يقوم العبد من طاعة الله عز وجل، وفيها يفرق كل أمر حكيم أى يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة وما يكون فيها من الآجال والأرزاق، وما يكون فيها إلى آخرها، كل أمر محكم لا يبدل ولا يغير، وكل ذلك مما سبق علم الله تعالى به وكتابته له، ولكن يُظهر للملائكة ما سيكون فيها ويأمرهم بفعل ما هو وظيفتهم.
موافقة
رفض