مقالات

الحسين يسأل والإمام يجيب بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحسين يسأل والإمام يجيب
بقلم / محمـــد الدكـــروريالحسين يسأل والإمام يجيب بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 10 فبراير 2024

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد لقد سأل الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما أباه عن مدخل ومجلس ومخرج وشكل رسول الله صلي الله عليه وسلم فلم يدع منه شيئا حيث قال الحسين سألت أبي عن دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كان دخوله لنفسه مأذون له في ذلك فكان إذا أوى إلى منزله جزأ نفسه دخوله ثلاثة أجزاء جزء لله وجزء لأهله وجزء لنفسه ثم جزء جزؤه بينه وبين الناس فيرد ذلك على العامة بالخاصة فلا يدخر عنهم شيئا.

فكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين فمنهم ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين ومنهم ذو الحوائج فيتشاغل بهم فيما أصلحهم والأمة عن مسألة عنه وأخبارهم بالذي ينبغي لهم ويقول ليبلغ الشاهد الغائب وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغها إياي فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها إياه ثبت الله قدميه يوم القيامة لا يذكر عنده إلا ذاك ولا يقبل من أحد غيره يدخلون روادا ولا يفترقون إلا عن ذواق ويخرجون أدلة، قال فسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه ؟ فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخزن لسانه إلا مما يعنيهم ويؤلفهم ولا يفرقهم أو قال ينفرهم فيكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه.

يتفقد أصحابه ويسأل الناس عما في الناس ويحسن الحسن ويقويه ويقبح القبيح ويوهنه معتدل الأمر غير مختلف لا يغفل مخافة أن يغفلوا ويميلوا لكل حال عنده عتاد لا يقصر عن الحق ولا يجوزه الذين يلونه من الناس خيارهم أفضلهم عنده أعمهم نصيحة وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة فسألته عن مجلسه فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر الله لا يوطن الأماكن وينهي عن إيطانها وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك ويعطى كل جلساته بنصيبه لا يحسب جليسه أن أحد أكرم عليه منه من جالسه أو قاومه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول قد وسع الناس منه بسطه وخلقه.

فصار لهم أبا وصاروا عنده في الحق سواء مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة لا ترفع فيه الأصوات ولا تؤبن فيه الحرم ولا تنثى فلتاته أي تذاع أو تشاع متعادلين يتفاضلون فيه بالتقوى، متواضعين يوقرون الكبير ويرحمون الصغير ويؤثرون ذوي الحاجة ويحظون الغريب قال قلت كيف كانت سيرته في جلسائه ؟ قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش ولا غياب ولا مداح يتغافل عما لا يشتهي ولا يوئس منه ولا يخيب فيه قد ترك نفسه من ثلاث المراء والإكثار ومما لا يعنيه وترك نفسه من ثلاث كان لا يذم أحدا ولا يعيره ولا يطلب عورته ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير وإذا سكت تكلموا.

ولا يتنازعون عنده، يضحك مما يضحكون منه ويتعجب مما يتعجبون منه ويصبر للغريب على الجفوة، وكان صلى الله عليه وسلم بين كتفيه خاتم النبوة، كبيضة الحمامة بها شعيرات مجتمعات، وعاش صلى الله عليه وسلم عيشة الزهد، فلم يشبع من خبز الشعير، وربما وضع حجرين على بطنه ليسكت جوع بطنه وكان يأكل بأصبعه الثلاث ويلعقها إذا انتهى وأحب صلى الله عليه وسلم من الطعام الدباء وهو القرع والحلوى والعسل وكان لا يذم طعاما قط، وكان صلى الله عليه وسلم كريما سخيا جوادا، سأله يوما رجل فأعطاه غنما بين جبلين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار