التنفيذ الفوري دون إضطراب
التنفيذ الفوري دون إضطراب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 24 أكتوبر 2024
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد لقد كان مجتمع الصحابة رضي الله عنهم مجتمعا إسلاميا حقيقيا منضبطا على مستوى الذكورة والأنوثة، على مستوى الرجل والمرأة، فلم يكن تنفيذ الأوامر خاصا بالرجال فقط، تقول أم سلمة رضي الله عنها لما نزلت آية ” يدنين عليهن من جلابيبهن ” خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية ” رواه أبو داود، وروى البخاري عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله تعالي.
” وليضربن بخمرهن على جيوبهن ” شققن مروطهن فإختمرن بها ” إنه كساء واحد فقط والمرأة تريد حجابا للرأس فورا لأنه لا وقت لها في تفصيل أحجبة للرأس لأن القضية تكمن في التنفيذ وهذا التنفيذ لا يحتمل التأخير، وتصور السيدة عائشة رضي الله عنها المشهد في رجال هؤلاء النسوة فتقول لقد أنزلت سورة النور ” وليضربن بخمرهن على جيوبهن ” فإنقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أُنزل فيها ” وهذه وظيفة الرجل في تثقيف الزوجة وتعليمها ونقل الفوائد لها من الدروس والخطب والمحاضرات وما يجب عليها أن تتعلمه من أحكام، فقالت ” فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أُنزل فيها، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها، فأصبحن يصلين الصبح معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان ”
إنه تنفيذ الأمر ” وليضربن بخمرهن على جيوبهن ” ” يدنين عليهن من جلاببهن ” من الأعلى إلى الأسفل، شاملا كل الجسد، ولقد كان هذا التنفيذ العجيب من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم للأوامر فرديا وجماعيا، بل كان هذا التنفيذ ينطوي على فقه عظيم، فروى الإمام البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال بينما الناس في قباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُنزل عليه الليلة قرآن، وقد أُمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام قبل المقدس، وهذه القبلة عباد الله هي عكس القبلة الحالية، قال فإستداروا إلى الكعبة أثناء صلاتهم ” تنفيذ فوري بدون إضطراب وليس العجب في الإستقبال لكن العجب كل الجب في كيفية إستدارتهم وهم في الصفوف؟
الإمام والرجال والنساء والأمر جاء فورا بدون تدريبات ولا تمرينات، لكنهم إستداروا لأن الأمر لا يحتمل التأخير، وانظر إلى سرعة إستجابتهم رضي الله عنهم وهم مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فقد كانوا يصلون معه عليه الصلاة والسلام وفجأة يخلع البني صلى الله عليه وسلم نعليه، فخلع الناس نعالهم فلما إنصرف، قال عليه الصلاة والسلام لم خلعتم نعالكم؟ قالوا يا رسول الله رأيناك خلعت فخلعنا ” أنهم قوم ليسوا بإمعة، ليس القوم ينقصهم الذكاء والعمق في التفكير أبدا، لكنهم قوم لهم قواعد أساسية مستقرة وإيمان قوي في قلوبهم يدعوهم إلى التنفيذ مباشرة، فبمجرد ما خلع النبي صلى الله عليه وسلم نعليه خلعوا، فالأمر لم يكن يحتمل التفكير ولا وقتا لتقليب الأمور، وقال عليه الصلاة والسلام ” إنه أتاني جبريل عليه السلام وأخبرني أن بهما خبثا “
تابعنا على جوجل نيوز