أفكار الفرقة والإفتراق والطلاق
أفكار الفرقة والإفتراق والطلاقأفكار الفرقة والإفتراق والطلاق
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد، لقد كان الزوج في الزمن الماضي يحفظ للمرأة وفاءها ويقدر لها صبرها، ورغم أن بعض الأزواج ربما قد يكون له أسرة أخرى في غربته، إلا أن ذلك لا تعده المرأة خيانة لها لأنها تدرك أن الرجل لا يستغني عن أسرة وزوجة تعفه في سفره وفي حله، وتعلم أن ذلك البعد لمصلحة الأسرة التي يعمران بنيانها، ويشدان سقفها بحبال الود والإخلاص بعضهما لبعض، وأن لحظات البعد، أو سنوات السفر، مكره أخاك فيها لا بطل.
وأن الأمل باللقاء والعودة أقوى من أفكار الفرقة والافتراق والطلاق، فإن ما كن يفعلنه نساؤنا في الماضي من ركوب أصعب أنواع الصبر، أمر يعجز القلم أن يمضي دون أن يسطره فخرا بهن لصبرهن ووفائهن، وفخرا برجالنا الذين لم تكن تثنيهم قلة مصادر الرزق في ديارهم، فيسعون في مناكبها قاطعين المفاوز والوديان والجبال سعيا وراء اللقمة الحلال، ولم يكن معهودا أن تشترط المرأة أن تستقر في نفس مدينة أهلها أو مدينتهم أو قريتهم، فقد تتزوج المرأة ويمضي بها زوجها إلى منطقة بعيدة عن حيّها، أماكن نشأتها، لعبها، طفولتها، فتمضي وهي مودعة أهلها وداع من لا يعتقد بلقاءن ولم يكن منتشرا أنه إذا لم يتم شرطها أن تطلب الطلاق لأنها تدرك أن بعدها عن أهلها لا يعني نهاية كل شيء.
وأن ما تسعى له من بناء أسرة مع زوجها قد يحتمل فيه كل شيء، حتى لو بعدت عن أهلها، ولم يكن معهودا أن تثير المشكلات الصغيرة الزوج أو الزوجة فتطلب الزوجة الطلاق، أو يتحداها الزوج فيرمي بكلمة الفراق في ساعة غضب، فهذه المشكلات لم يكن دورها سوى أن تثير بعض زوابع خفيفة سرعان ما تمضي لأن هناك أعظم منها مما يهتمون به ويشغل فكرهم من بناء أسرة قوية ومن سعي لطلب الرزق، إضافة إلى أنه على رغم صغر سن الأزواج آنذاك، إلا أن قلة عدد حالات الطلاق بهذا السبب أمر يثير التفكير، أهي حكمة وأناة ولين جانب إمتاز بها الزوج والزوجة، أم أن هناك ظروفا أخرى من إحاطة الأهل بهذه الأسرة الوليدة ومشاورة الأهل وأصحاب الحكمة وأولي النهى فيما يستجد من بوادر المشكلات.
لها دور في تقليل عدد حالات الطلاق، وفي تثبيت أركان هذه الأسرة؟ ولكن لماذا غدت كلمة طالق أو طلقني أسهل من السلام عليكم؟ فهل من يعنيهم الأمر من زوج وزوجة لا يفهمان ماذا تعنيه تلك الكلمة؟ وما التوابع واللواحق والنتائج والآثار والمصائب التي تترتب على تلك الكلمة؟ ودعكم من أن بعض الطلاق رحمة، فهذا لا أعنيه، ولكن ما أقصده حين تغتال تلك الكلمة حكمة الرجال وصبر النساء، ويعزف بها على جرح الألم والفراق، حين تئن البيوت وتتسع الجراحات، وحين تتضعضع المنازل لأسباب تذكرنا بنزاعات الأطفال على أشيائهم، لكن الأطفال سرعان ما يعودون ويدملون جراحهم، أما الكبار فإن جراحهم تظل تثعب دما، فاللهم اجعلنا لك شاكرين، لك ذاكرين، لك راهبين، لك مطواعين، إليك مخبتين منيبين، ربنا تقبل توبتنا، واغسل حوبتنا، وأجب دعوتنا، وثبت حجتنا، واهدي قلوبنا، وسدد ألسنتنا، واسلل سخيمة قلوبنا.
تابعنا على جوجل نيوز