
أعظم أخلاق أهل الإيمان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 23 ديسمبر 2024
الحمد لله الذي عز جلاله فلا تدركه الإفهام، وسما كماله فلا يحيط به الأوهام، وشهدت أفعاله أنه الحكيم العلام، الموصوف بالعلم والقدرة والكلام، سبحانه هو الله الواحد السلام، المؤمنون حبب إليهم الإيمان وشرح صدورهم للإسلام، ويقبل التوبة ويكشف الحوبة ويغفر الإجرام، تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير شهادة من قال ربى الله ثم إستقام، الله ربي لا أريد سواه هل في الوجود حقيقة إلا هو، يا من وجب الكمال بذاته فالكل غاية فوزهم لقياه عجز الأنام عن امتداحك انه تتصاغر الأفكار دون مداه، من كان يعرف انك الحق الذي بهر العقول فحسبه وكفاه، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه.
لم يزل صلى عليه الله وسلم يقاتل في الله بعزم وإهتمام، حتى إنقشع عن سماء الحق تراكم الغمام، وظل في أفق الإيمان بدر التمام، إذا أرد أن تفوز وترتقي درج العلى أو تنال منه رضاه، أدم الصلاة على محمد الذي لولاه ما فتح المكبر فاه، وله الوسيلة واللواء وكوثر يروى الورى وكذا يكون الجاه، وعلي اله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته وإقتدى بهديه وإتبعهم بإحسان إلي يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين ثم أما بعد إن الأمانة سبب لمحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” من سره أن يحبه الله ورسوله فليصدق إذا حدث وليؤدي أمانته إذا اؤتمن ” وكما أن الأمين كالغازي في سبيل الله تعالي فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “العامل على الصدقة بالحق كالغازي في سبيل الله حتى يرجع إلى بيته” وبيّن الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم أن الخازن الأمين هو أحد المتصدقين، فقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الخازن الأمين الذي يؤدي ما أمر به طيبة نفسه أحد المتصدقين” وفيهما أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الخازن المسلم الأمين الذي يعطي ما أمر به كاملا موفرا طيبة به نفسه فيدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين” فهل تتذكر من أحسنوا إليك في حياتك؟ وهل تتذكر إحسان والديك؟ وهل تتذكر إحسان معلمك؟ فإن الوفيّ يحفظ الجميل ولا ينساه ولو بعد عشرات السنين، ثم أسألك أيها الحبيب هل صفحت وعفوت عمن أساء إليك الآن لأنه قد أحسن إليك فيما مضى؟
فهذا رجل مشرك أتى لمفاوضة الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الحديبية، إنه عروة بن مسعود الثقفي، الذي أسلم فيما بعد رضي الله عنه، لقد قال للنبي صلى الله عليه وسلم إني لأرى وجوها وأرى أوباشا من الناس خلقا أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر امصص بظر اللات، نحن نفر عنه وندعه؟ فقال عروة من ذا؟ قالوا أبو بكر، قال عروة أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك، فهل قرأت هذه القصة أو سمعتها من قبل؟ وهل استوقفك هذا الوفاء من رجل مشرك؟ وهل تأملت وبحثت عن السبب الذي منعه من الرد على الصديق رضي الله عنه ؟ ثم أخي الحبيب هل تفي إذا وعدت؟ فإذا قلت نعم، فأبشر بقول نبيك المصطفي صلى الله عليه وسلم.
“اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم” رواه أحمد، وإن كانت الأخرى فهيا من الآن طهر نفسك من هذا الآفة، فإنها من النفاق العملي، وحاشاك أن تكون كذلك، وضع نصب عينيك قول النبي صلى الله عليه وسلم “آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان” رواه البخاري، ثم هل تفي إذا عاهدت؟ فإن الوفاء بالعهود من أعظم أخلاق أهل الإيمان.