أسوان بين التجاهل وصمت النوب

في قلب الجنوب، أسوان بين التجاهل وصمت النوب
كتب شريف عبد الجليل أسوان
في قلب الجنوب، حيث تتدفق مياه النيل بهدوء، وتتمازج الأصالة بالتاريخ، تقف أسوان شامخة، لكنها مهمَلة، تصرخ بصمت لا يُسمع. تلك المحافظة الغنية بالتراث النوبي، والكنوز السياحية، والثروات الطبيعية، تعاني من تجاهلٍ ممنهج، وكأنها خارج الخريطة التنموية لمصر الحديثة.
تواجه أسوان منذ سنوات طويلة مشاكل مزمنة: ضعف البنية التحتية، وتراجع الخدمات الصحية والتعليمية، وقلة الفرص الاقتصادية، رغم ما تملكه من مقومات تجعلها من أهم الوجهات الاستثمارية والسياحية في الشرق الأوسط. ومع كل هذا، يغيب الصوت النوبي، أو يصمت، بين فصول الإقصاء والتهميش.
التجاهل الرسمي بدا واضحًا في تعطل مشروعات إعادة التوطين، وتأخر تعويضات أهالي النوبة عن التهجير القسري المتكرر، منذ بناء خزان أسوان وحتى السد العالي. كما تُستبعد المناطق النوبية من الخطط التنموية الجادة، وكأنها مجرد ظلال لماضٍ جميل، وليست كيانًا حيًا يعاني ويطالب بحقه في الحياة.
أما صمت النوب، فهو السكون الذي تفرضه الحكمة أحيانًا، أو اليأس أحيانًا أخرى. فالمجتمع النوبي، المعروف بسِلمه وتحضّره، لطالما عبّر عن مطالبه بسلمية، مؤمنًا بأن العدالة ستأتي. لكن يبدو أن هذا الصبر قد فُسّر ضعفًا، وهذا الهدوء تجاهلاً.
إن أسوان لا تحتاج صدقة، بل اعترافًا بفضلها، وحقًا مكتسبًا في تنمية عادلة، تشمل الجميع. وعلى النخبة النوبية أن تعيد صياغة خطابها، وتكسر جدار الصمت، فالتاريخ لا يرحم المتقاعسين، والحقوق لا تُمنح، بل تُنتزع بوعي وقانون.
أسوان اليوم على مفترق طرق، فإما أن تُنصف، أو تظل مجرد مشهدٍ جميل يُلتقط في الصور، ويُنسى في خطط الدولة