أدب

أدران الحياة وعراقيلها

أدران الحياة وعراقيلها 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

مقالات ذات صلة

اليوم : الجمعة الموافق 6 سبتمبر 2024

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون” وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم، أما بعد إن الصدق في القول يستوجب على المسلم أن يحفظ لسانه فلا يتكلم إلا بصدق ولا ينطق إلا بحق، فأحسن الكلام ما صدق فيه قائله، وانتفع به سامعه، والصدق في القول مطلوب وواجب في الشهادات والتزكيات وغيرها، والصدق في القول مطلوب وواجب أيضا في نقل الأخبار وهذا بدوره يتطلب من الناقل التثبت فيما يقال.

 

 

واجتناب الظنون والأوهام، والحذر من التحدث بكل ما يسمع، وكذلك الصدق في الأحوال وفي النيات وهذا يستلزم أن تكون بواعث الأعمال والأقوال كلها لله عز وجل، وأن يكون ظاهر العبد معبرا عن باطنه، والصدق في الأحوال يقتضي حسن الإنقياد والإذعان، والخضوع والإخلاص، والخوف والرجاء، والرضا والتوكل والمحبة والحياء، والإجلال والتعظيم لله وحده، وكذلك فإن الصدق مع الله يقتضي من العبد أن يسعى جاهدا فيما يرضي ربه سبحانه، من أعمال وأقوال وأحوال، فإنها وعود ربانية وقروض مضاعفة وأجور كريمة وجنان أكلها دائم وظلها لمن تكرّم بالصدقة السخية طيبة بها نفسه سعيدة بها روحه تتراءى له آيات الوعد الكريم ” من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفة له وله أجر كريم ” 

 

فإن الصدقة نبع أثر يجرف مسيله كل أدران الحياة وعراقيلها والنفقة في وجوه المعروف بلسم الشفاء من عظيم الأدواء والعطاء في السر بركة للمال وعد بها رب الأرض والسماء، فإن صدقتك أيها المحسن الكريم بذرة بذرها أكرم من وطأ الثرى عليه الصلاة والسلام، ويقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله في ذكرياته، فقال في التمهيد لهما “لقد كان شيخ أبي الشيخ سليم المسوتي رحمه الله على فقره لا يرد سائلا قط ولطالما لبس الجبة أو الفروة فلقي برادنا يرتجف فنزعها فدفعها إليه وعاد إلى البيت بالإزار وطالما أخذ السفرة من أمام عياله فأعطاها السائل وكان يوما في رمضان وقد وضعت المائدة انتظارا للمدفع، فجاء سائل يقسم أنه وعياله بلا طعام، فإبتغى الشيخ غفلة من امرأته وفتح له وأعطاه الطعام كله ؟ فلما رأت ذلك امرأته ولولت عليه وصاحت وأقسمت أنها لا تقعد عنده. أدران الحياة وعراقيلها

 

وهو ساكت، فلم تمر نصف ساعة حتى قرع الباب وجاء من يحمل أطباقا فيها ألوانا من الطعام والحلوى والفاكهة، فسألوا ما الخبر ؟ وإذا الخبر أن الأمير كان قد دعا بعض الكبار فإعتذروا فغضب وحلف ألا يأكل من الطعام وأمر بحمله كله إلى دار الشيخ سليم المسوتي رحمه الله ؟ وقيل أن هناك امرأة سافر ولدها وكانت قد قعدت يوما تأكل وليس أمامها إلا لقمة إدام وقطعة خبز، فجاء سائل فمنعت عن فمها اللقمة وأعطته إياها وباتت جائعة، فلما جاء الولد من سفره جعل يحدثها بما رأى في سفره، قال ومن أعجب ما مر بي أنه لحقني أسد في الطريق وكنت وحدي فهربت منه فوثب علي وما شعرت إلا وقد صرت في فمه وإذا برجل عليه ثياب بيض يظهر أمامي فيخلصني منه ويقول لقمة بلقمة ولم أفهم مراده، فسألته أمه عن وقت هذا الحادث وإذا هو في اليوم الذي تصدقت فيه على الفقير، حيث أنها نزعت اللقمة من فمها لتنفقها في سبيل الله، فنزع الله تعالي ولدها من فم الأسد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
رجوع
واتس اب
تيليجرام
ماسنجر
فايبر
اتصل الآن
آخر الأخبار